" أُضيق عليهم لكى يشعروا " ( إرميا 10 : 18 )
+ إن سماح الله " بالضيقات " لأولاده ، هدفه الأساسى أن يشعر المتهاون أو المتكاسل ، أو البعيد عن الله ، بحاجته الشديدة إلى العودة إليه حالاً !!.
+ فقد لا تفلح العظات ، ولا الكلمات اللينة ، ولا الإرشادات والمشورات ، والنصائح الرقيقة ، فى إذابة قساوة القلب . وقد يسخر الشرير من الخادم الذى ينصحه أو يدعوه لبيت الله .
+ فماذا يفعل الرب – كأب محب – وجد أن نصائحه لم تأتِ بنتيجة مجدية ؟! إنه يلجأ إلى أسلوب أشد ، قد يكون العتاب ، أو التوبيخ ، أو اللوم ، وقد يلجا – فيما بعد – إلى استخدام العصا ، لتأديب العاصى !! وهو درس هام لكل نفس .
+ ونظراً لأن بنى إسرائيل كانوا شعباً غليظ الرقبة ، وكثير التمرد ، ونسيان الله ووصاياه . لذلك كان يداوم على السماح لهم بضيقات متعددة ، ومتكررة ، حتى يشعروا بحاجتهم إلى رحمته ومعونته ( مز 106 : 44 ) ، وهو ما كان يحدث بالفعل ( خاصة عندما كان يحاصرهم الأعداء ) ، فيعودون نادمين على شر أفعالهم وحماقتهم وعصيانهم للرب المُحب لخلاصهم .
+ ويقول القديس ماراسحق السريانى : " إن التجارب أبواب للمواهب " ، وهى حقيقة أختبرها كل المؤمنين المتألمين .
+ والمسيحى أمام التجربة الصعبة ، يكون واحداً من إثنين : إما أن يفكر فى التجربة بحكمة ، ويعرف هدف الله منها ، ويرجع إليه بسرعة ، نادماً على شره .
+ وإما يزداد حماقة ، ويتذمر ، أو يجدف ، ويبتعد عن الله ، بزعم إنه " يضايقه "! ولا يستجيب له ، ولا يحل مشكلته ، أو لا يحقق له أماله وما يتمناه .
+ وبالتالى تشتد الضربات والضيقات ، حتى يفهم المعاند الهدف من التجربة ، ويعود إلى حضن الكنيسة ، ولا يهرب من الرب المُحب ، الذى يريد راحته وسعادته .
+ وبدلاً من أن نشكو ، بأن الله يغلق كل الأبواب فى وجوهنا ، نجلس فى جلسة مُصارحة للنفس ، ومصالحة مع الله ، حتى يقترب ويعمل على حل المشكلة ، فى الوقت المناسب ، وبالطريقة المناسبة ، كما فعل داود النبى مرات عديدة ( مز 86 : 7 ) وكما فعل يونان ، وهو فى بطن الحوت ( يون 2 : 2 ) ، والفتية الثلاثة فى أتون النار ، ودانيال فى جب الأسود !! ومردخاى وأستير ، وغيرهم الكثير .
+ وكن على ثقة ويقين تام ، " أن المُر الذى يختاره لنا الله ، خير من الشهد الذى نختاره لأنفسنا " ، كما قال الشيخ الروحانى
إن كان اللَّـه لك ، فكلّ شيء لك حتى لو كنت محروماً من كل شيء ... وإن لم يكن اللَّـه لك ، فأنت محرومٌ من كل شيء حتى لو كنت تملك كل شيء .
القديس الأنبا انطونيوس