نشأة أبينا القديس العظيم الأنبا توماس السائح
إن المراجع المتوافرة حتى الآن لم توضح السنة التي ولد فيها الأنبا توماس إلا أنه من الواضح أنه عاش حياة تزيد عن 100 سنة ولا تتعدى 130 سنة .
في قرية تدعي شنشيف وهي بالقرب من مركز ساقلته التابع لإيبارشية أخميم محافظ سوهاج . ولقد ولد الأنبا توماس من والدين تقيين مسيحيين محبين لرب المجد يسوع المسيح لها المجد فربياه بكل تقوي في مخافة الله وثقفاه بعلوم وأداب الكنيسة وطقوسها فأحب الكنيسة من كل قلبه ... وكلما أزداد حباً لها تعمق فيها أكثر وأكثر حتى زهد أباطيل العالم وشهوات الدنيا .
فترك منزله وخرج إلي البرية ... إلي جبل شنشيف القريب من قريته وفي أحضان الجبل اختار مغارة عاش فيها حياة نسكية متعبداً لرب المجد مجاهداً بقوة وبقلب مملوء بالقداسة . وشهد جبل شنشيف لقداسته وروحانياته وصلواته المرفوعة علي الدوام من أجل حياة أسمي وأبقي .
صفاته
+ كان مثلاً عالياً في حياة الجهاد والحكمة والمشورة الروحية حتى ذاع خبر قداسته بين الملائكة والقديسين .
+ كان نموذجاً مضيئاً للطهارة والعفة والجهاد المسيحي .
+ كان يتمتع بنقاوة القلب والبساطة الروحية التي هي من سمات أهل البرية حتى قال عنه شيوخ البرية " أنه كان كاملاً في الفضائل المسيحية" .
+ كان يعشق حياة الوحدة فكان لا يخالط أحد ... إلا أنه لم يكن يبخل بالمشورة لأحد بل يستمع بنقاوة قلب وطول أناة بروحانية متدفقة مملوءة نعمة وقداسة .
+ كان ذا مشورة روحية عالية في الفضيلة فكان يتردد عليه من سكان جبل شنشيف المتوحدين ومنهم أبينا القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وأبنائه .
+ كان طعامه مرة واحدة كل أسبوع وكان من بعض البقوليات وقيل أنها من بعض الأعشاب بل هي مجرد سد الاحتياج وليس لإشباع الجسد . فكان لا يهتم به كعادة الأباء السواح بجانب اهتمامه بالصلاة وتفكيره المستمر في أورشليم السمائية .
+ وهبه رب المجد يسوع المسيح له المجد سر عجيب في عمل الآيات والعجائب فكان يشفي المرضي من كل سقم ... وكل ضعف ... وكل علة ... كما وهبه سلطاناً خاصاً علي الأرواح النجسة .
+ قال عنه أحد أبناء القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وهو عائد من زيارته " أنني عائد من أورشليم السمائية .. محمل بكل بركات " .
+ كان حافظاً للكتب المقدسة مردداً إياها علي الدوام .
+ كان يحب الصلاة .. فكان مثالاً عاليا لتأدية الصلوات بلياقة روحية .. إذ كان يصلي مزاميره بصوت عذب ، مسبحا ، مرتلا ، متهللا كل أوقات النهار . كما أنه كان لا ينام إذ يقضي ليله كله في الصلاة والحديث مع رب المجد يسوع المسيح له المجد .
+ كان مداوماً علي صلاة المزامير مردداً المزمور السادس "يا رب لا تبكتني بغضبك .... "
+ وقد تأثر الأنبا توماس بأبينا القديس العظيم الأنبا أنطونيوس في طريقته في الرهبنة فأحب حياة العزلة الفردية والصوم والتقشف إن التدريب الأول والرئيسي في حياة الرهبنة والقداسة هو السكون ، بمعني التمتع بحياة سرية مع رب المجد يسوع المسيح له المجد لا يدركها أحد ولهذا يصعب الدخول إلي تفاصيل الحياة الخاصة للقديس والتي يعتبرها شركة بينه وبين رب المجد يسوع المسيح له المجد فقط .
نبواته
1- نبوءته عن موعد وعلامة نياحته .
2- نبوءته عن نياحة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين .
وهذا يدل علي أنه كان قديسا ملهما أعطيت له موهبة كشف الأسرار الإلهية .
وإليكم ما سجله لنا الأنبا ويصا تلميذ الأنبا شنودة رئيس المتوحدين في ميمره الذي نشره العلامة أملينو .
أنه في حديث ودي بين الأنبا توماس والأنبا شنودة قال الأنبا توماس للقديس شنودة ها أنا أفارقك لأن ملاك الرب أعلمني هذه الليلة أنه سيفتقدني الرب قريبا وهذه هي أخر مرة أخاطبك فيها بالجسد كما أن الله أخبرني عن يوم نياحتك أنت أيضا فليرصد أولادك ذلك ليكون لهم آية إلي الأبد .
وهذا اليوم يوافق يوم ميلاد كيرلس الحكيم رئيس أساقفة الإسكندرية ومار بقطر رئيس طفنس ليس ذلك فقط بل وفي نفس الساعة وهو معلوم ومقدس الذي هو السابع من شهر أبيب ويخرج للقائه قديسون كثيرون .
فقال له الأنبا شنودة :
كيف يمكنني معرفة ذلك اليوم الذي ستنتقل فيه .
فقال له الأنبا توماس :
سأجعل لك علامة عجيبة وهي أن الحجر الذي تجلس عليه وأنت خارج مسكنك وتنظر خطايا العالم بأسره في ذلك الوقت الذي يفرق الله بين نفسي وجسدي ينفلق هذا الحجر نصفين كمثل كتاب تفتحه والذي عال طوبيت ابن طوبيا في أرض غربته الذي هو رافائيل رئيس الملائكة تنتظره يسير قدامك أنت ومن تختارهم إلي أن تصل إلي مسكني بغير سفينة .
فأصنع محبة من أجل الرب وأستر جسدي المسكين لأني بائس ومنقطع وليس لي سوي الله وحده .
فقال له الأنبا شنودة :لتكن إرادة الله
وبعد ذلك قبل ا لأنبا توماس الأنبا شنودة قبلة الوداع الأخيرة . وقال له أستودعك من الآن حنى ألتقي بك في بيعة الأبكار .
نياحة أبينا القديس العظيم الأنبا توماس السائح
ذكر الميمر أن رب المجد يسوع المسيح له المجد كان أول الحاضرين لنياحة أبينا القديس العظيم الأنبا توماس السائح وهذا شئ عادي حيث قوة العلاقة بينهما وصلت إلي درجة أنه كان يخاطبه فما بفم مثل موسى النبي .
وأيضا حضر النياحة كلا من :
1- الملائكة برئاسة الملاك رافائيل .
2- أبينا داود النبي .
3- الأنبا شنودة رئيس المتوحدين .
4- الأنبا ويصا تلميذ الأنبا شنودة .
5- الأنبا أخنوخ .
6- الأنبا يوساب الكاتب الحكيم .
7- أخ مجتهد الأنبا تمرينوس .
تابع ما سجله الأنبا ويصا
بعد شهور قليلة من لقاء الأنبا توماس بالأنبا شنودة إذ بينما كان الأنبا شنودة واقفا يصلي بجوار الحجر الذي أمام مسكنه أن الحجر انشق إلي نصفين .
عندئذ تنهد الأنبا شنودة وقال لقد عدمت شنشيف سراجها وعندما و عندما قال هذا أبصر رئيس الملائكة رافائيل يشير إليه بيده ويقول : السلام لك يا خليل الله وحبيب القديسين هلم نستر جسد الأنبا توماس فإن الرب وملائكته ينتظرونك وسوف تسمع الكلام الحلو .
فتبعه وجاء إلي الدير وكان الوقت ليلا فصادف أخا يتلو المزمور 118 وهو المكون من 22 قطعة في صلاة الخدمة الأولي لنصف الليل ومن ضمنه ما جاء في القطعة الثامنة في نصف الليل نهضت لأشكرك علي أحكام عدلك .
فقال له الأنبا شنودة أتبعني ثم جاءوا إلي الأخ أخنوخ وكان شجاعا وقويا يردد المزمور الساكن في عون العلي يستريح في ظل إله السماء .
فقال له الأنبا شنودة اتبعني ثم حضر الأنبا شنودة ومعه الأخ أخنوخ إلي أنبا يوساب الكاتب الحكيم ويتقدمهم رئيس الملائكة رافائيل فوجدوا الأنبا يوساب يتلو المزمور القائل نحن نهضنا وقمنا و باسم إلهنا انتصرنا .
فقال الأنبا شنودة للأنبا يوساب : السلام لك أيها الثمرة الطيبة اتبعني ثم دخل إلي المذبح وصلي مع الأخوة الثلاثة ثم انطلقوا و رافائيل الملاك يتقدمهم حتى وصلوا إلي باب المسكن المقيم فيه الأنبا توماس بغير سفينة كما قال لهم فوجدوه قد تنيح .
فدخل الأنبا شنودة وهو ينادي بارك عليٌ فسمع المرتل داود يقول مبارك الأتي باسم الرب فسجد للسيد المسيح ورتل مع داود النبي امتلأت أفواهنا فرحا ولساننا تهليلا . ثم دعا الأنبا شنودة الأخوة وقرءوا عليه طويلا وبعد ذلك كفنوه ودفنوه بتجهيز عظيم ورجعوا إلي الدير الغربي " دير الأنبا شنودة " بغير سفينة لأن الملاك رافائيل كان ينير لهم الطريق .
وهكذا تنيح الأنبا توماس بشيخوخة صالحة في 27 من شهر بشنس سنة 168 للشهداء .
بركة صلواته و شفاعاته
تكون معنا
أمين