بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
تحدثنا في العدد الماضي عن النمو في العدد, وضربنا لذلك أمثلة عديدة, ثم عرضنا للنمو الروحي. واليوم نتابع حديثنا عن:
النمو في الخدمة -2-
النمو في الخدمة له مجالات متعددة جدا, وخصائص يمكن أن نعرض لها, ونلخصها في بعض نقاط..
مجالات النمو
1- نمو في عدد التلاميذ والفصول, وقد تحدثنا قبلا عن النمو العددي.
2- نمو في الافتقاد, بحيث يشمل كل أحد. ويتدرج من افتقاد الغائبين, إلي افتقاد حالات المخدومين في احتياجاتهم المادية والروحية, ومن افتقاد الطلبة في مدارس الأحد, إلي تحويل عائلاتهم إلي أن يفتقدهم الأب الكاهن.
3- نمو في تنظيم الخدمة. ويمكن في ذلك استخدام الكمبيوتر.
4- نمو في انتشار الخدمة بحيث تشمل القري, والأحياء الفقيرة والمساكن العشوائية.
ذلك لأن كثيرا من الفروع تهتم بالعواصم والمدن, ولا تعطي نفس الاهتمام للريف وللمجتمعات الجديدة ولأحياء أخري مهلة. أو قد تهتم بمنطقة الكنيسة, دون المناطق الأخري المجاورة..
5- النمو في خدمة كل النوعيات:
فلا تكتفي مدارس التربية بخدمة طلبة المدارس, إنما ينبغي أن تتدرج الخدمة حتي تشمل طبقات من العمال والصناع, وتوجد برامج خاصة بهم. وكذلك خدمة الأميين والذين لم يكملوا تعليمهم. مع خدمة البعيدين تماما عن الكنيسة, والذين ليس لهم أحد يذكرهم.
5- النمو في استخدام وسائل الإيضاح
ونقصد كل ما يمكن استخدامه من الوسائل السمعية والبصرية.. فنحن لا ننكر أهمية المسرحيات والأفلام الدينية, ومدي تأثيرها علي الشباب بل وعلي الكبار أيضا. وقد بدأت هذه الحركة الفنية, وصدرت بعض أفلام عن حياة قديسين وقديسات. ولكن الأمر يحتاج إلي اهتمام أكبر, ويمكن تصوير كل المسرحيات الدينية الناجحة التي تقوم بها بعض الفروع, ثم نشرها وتعميم استخدامها, ثم نشر فكرة هذه المسارح في كافة الإيبارشيات. وضم هذه الوسائل التعليمية في خدمة القري والأحياء الفقيرة. ويستحسن تكوين لجنة خاصة بهذا النشاط.
النمو في الاهتمام بالمكتبات
لقد تأسست مكتبات للخدمة في كافة الكنائس تقريبا. ولكن غالبيتها خاص بالكبار فقط. ويجب أن تنمو هذه المكتبات لنشر المعرفة الدينية لكل مراحل السن, وبخاصة مرحلة الطفولة التي تحتاج إلي مكتبة خاصة في كل كنيسة.
وأتذكر أنني في سنة 1953 كنت قد أصدرت مجلة للأطفال باسم (مجلة مدارس الأحد المصورة) ثم ترهبت في العام التالي. وإذا بتلك المجلة قد تحولت إلي مجلة للكبار.
وتوقف ذلك العمل التربوي الهام. وأرجو بنعمة الله أن أعيده للصدور مرة أخري بالاستعانة بعدد كبير من المهتمين بالكتابة للأطفال, وبتأيف القصص والأناشيد لهم.
هذا وقد افتتحنا مكتبة للأطفال في المقر البابوي بالقاهرة, أحب أن يكون لها مثيل في كل إيبارشية. لأن مرحلة الطفولة هي المرحلة التأسيسية في حياة كل إنسان, ويجب أن نهتم جميعا بها..
7- النمو في العناية بالخدام أنفسهم وبفصول إعداد الخدام
إنه أمر خطير, أن يبدأ الخدام عملهم في الخدمة بدون إعداد كاف, ويحتاج الأمر إلي أن تنمو الكنيسة في إعداد خدامها, بحيث يكون إعداد الخدام شاملا إلي نواح إيجابية تختص بالعقيدة والكتاب والطقس والروحانية والمعلومات التربوية, وكذلك الرد علي السلبيات التي توجه إلي هذا كله, بحيث يعرف الخادم الرد علي كل شك وكل بدعة..
وحتي الخدام الذين يخدمون حاليا يحتاجون إلي تنشيط معلوماتهم بمناهج تسمي Refreshing coursrs مع مناهج أخري أعلي Advancing courses وتستمر هذه المناهج, بحيث لا يفقد الخادم روح التلمذة عنده.
8- كذلك ينبغي أن يدرك النمو في اجتماعات الخدام
إذ أن بعض الفروع تجعل اجتماعات الخدام بهدف تعليمات للخدام علي أنشطة معينة, أو أخبار رحلات أو حفلات وما شبه. أو تصبح اجتماعات الخدام مجالا للحوار والنقاش الذي لا يفيد بل قد يعثر.
يجب أن تنمو هذه الاجتماعات في الروح والمعرفة
بحيث تفيد كل خادم, القديم والجديد, وتكون منشطة لهم روحيا وعلميا.
هذا وقد أصدرنا لكم حتي الآن ستة كتب في الخدمة. وأرجو أن أتابع الكتب الخاصة بالخدمة.
9- النمو في العناية بالشباب
لأن ظاهرة واضحة توجد في كثير من الفروع. وهي أن عدد الطلبة الذي يكون كبيرا بشكل واضح في فصول المرحلة الابتدائية, يظل يتناقص بالتدريج في المرحلتين الإعدادية والثانوية, ويصبح قليلا جدا بالنسبة إلي شباب ثانوي وشباب الجامعة. وهذا أمر له خطورته, ويحتاج بلا شك إلي علاج..
وربما من الأسباب, ضعف المعلومات التي تقدم لتلك المرحلة, أو إلي عدم كفاية المدرسين الذين يشبعون تلك السن..
ولقد أصدرت اللجنة العليا للتربية الكنسية منهجا مناسبا للمرحلة الثانوية, وزودته بالكتب المنهجية لمنفعة المدرس من جهة, ولتوحيد الفكر التعليمي من جهة أخري, وبقي موضوع المدرسين والمتكلمين.
10- النمو في الاهتمام بإعداد المتكلمين
كلما ينمو الإنسان في السن والمعرفة, يحتاج إلي مستوي من التدريس أعلي وأعمق, يمكنه أن يعطيه ماليس عنده, وما يحتاج إليه من معرفة, ومن هنا كنا نحتاج إلي مستوي عال من المتكلمين لاجتماعات الشباب في الكنائس, ولاجتماعات الأسرات الجامعية, ولفصول ثانوي وجامعة في مدارس الأحد.
ولإعداد هؤلاء اهتممنا بالقسم الليلي الجامعي في الكلية الإكليريكية, وقد ازداد عددهم جدا, ووصلوا إلي المئات في الإكليريكية الأم بالقاهرة, بالإضافة إلي مئات أخري في فروعها بالوجهين البحري والقبلي. بالإضافة إلي ما تقوم به أسقفية الشباب بمؤتمراتها وخدامها وأنشطتها.
والأمر يحتاج إلي مزيد من الاهتمام بموضوع المتكلمين وإعدادهم ويجب علي المتكلمين المعروفين أن يزدادوا في معرفتهم. وكذلك أن يكون عندهم الالتزام الكافي في الحضور وعدم التغيب, وفي إعداد موضوعاتهم.
ومن أجل الاهتمام بالمتكلمين, والنمو بالمعرفة عموما, قمنا بمشروع جديد:
11- مشروع الميكروفيلم والميكروفيش
أنشأنا هذا المشروع بنعمة الله الذي كلفنا حتي الآن أزيد من نصف مليون جنيه, ومن فوائده في الخدمة أنه يمكننا به أن ننتج كميات من الميكروفيلم ومن الميكروفيش لجميع مخطوطاتنا في الأديرة, وفي الكنائس القديمة, وفي مكتبة البطريركية, وغير ذلك. ولكي نزود بنسخ منها مكتبات أديرتنا, ومعاهدنا الدينية, وكنائس المهجر, وبعض الكنائس الكبيرة, ومكتبات المطرانيات في كل إيبارشية.
وبهذا تصبح المراجع موجودة ومتوفرة لدي كل دارس, بهدف نمو معرفته وتعميقها, مع نشر المعرفة القبطية في كل كنائسنا بالمهجر, ولاشك أن هذا نمو جديد في نشر المعرفة الدينية.
كما أننا بهذا, يمكننا تبادل الميكروفيلم والميكروفيش مع مكتبات العالم وجامعاته التي تحتفظ هي أيضا بعدد كبير من مخطوطاتنا القبطية.
12- النمو في أنشطة الخدمة
توجد فروع للخدمة تقتصر علي التدريس فقط, وفروع أخري لها أنشطة كثيرة. وهدف النمو في الخدمة هو نشر أنشطتها في كل مكان.
وقد توجد فروع لها الروح والرغبة, وليست لها الإمكانيات التي تساعدها علي تنشيط الخدمة, وهذا الأمر يحتاج إلي افتقاد الفروع, وإلي معرفة احتياجاتها, وتوفير هذه الاحتياجات لها, وبنعمة الله سوف أعمل علي تكوين لجنة من الخدام المعروفين لافتقاد فروع الخدمة, مع تحديد موعد شهري للالتقاء بالخدام في المقر البابوي لأدرس معهم شئون الخدمة واحتياجاتها, والعمل علي نموها ونهوضها.
13- البحث عن المفقودين
سواء من المخدومين أو الخدام, والبحث عن أسباب فقدهم, وعمل كل ما يمكن من أجلهم.
14- النمو في روحيات الخدام
ذلك لأنه كلما نما الخادم روحيا, علي هذا القدر تنمو أيضا روحيات المخدومين معه. وكلما هبط مستواه, يحدرهم معه إلي أسفل.
هذا الأمر يعالجه الخادم مع نفسه ومع أب اعترافه. كما أن كل فرع خدمة ينبغي أيضا أن يراعي روحيات خدامه.
فللخدام شروط روحية يجب أن يتصف بها كل خادم. علي الكنيسة أن تراقب هذا الأمر.
وعلي كل خادم وكل فرع, أن يقوم بتقييم خدمته Evoluation ويدرس عوامل الضعف, أو مظاهره, لكي يتفاداها فتنمو خدمته.
15- النمو في التكريس
التكريس هو مقياس آخر من مقاييس النمو في الخدمة. وكلما دخل الإنسان في مجال محبة الله وخدمته, كلما ازدادت رغبته في توفير وقت أزيد للخدمة. وإذا ما نما في ذلك, كلما اتجه إلي تقديم وقته كله للرب وهكذا يدخل في نطاق التكريس. سواء كخادم أو كاهن أو راهب..
ومع حاجة الكنائس إلي عدد كبير من الكهنة يسامون لخدمتها, نلاحظ أن بعض فروع الخدمة لا يوجد فيها من يصلح لتقديمه لخدمة الكهنوت! وهدا أمر يؤسف له جدا, لأنه يدل علي أن النمو قد توقف فيها عند حد مدرسي الفصول!!
هذه الفروع بالذات تحتاج إلي عناية خاصة, وإلي تقييم خدمتها, ومعرفة أسباب توقف نموها, وعلاج ذلك.
نكتفي الآن بهذه النقاط وإلي اللقاء في موضوع آخر خاص بالخدمة, إن أحبت نعمة الرب وعشنا