يسوع نبع الحنان
وكان يسوع يطوف المدن كلها، ويعلم فى مجامعها، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب. ولما رأى الجموع، تحنن عليهم إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعى لها" (متى 36:9(
تفتح هذة الفقرة نافذة على قلب يسوع المحب. فأي منظر من المناظر المحزنة كان يلمس قلبة؟؛
ألا يظهر لنا هذا عواطف الله نحو الجنس البشري. إن محبة يسوع جعلتة يترك السماء...سماء المجد، وينزل إلى عالمنا...عالم الشقاء، ويتواضع بنفسه حتى الموت.. موت الصليب.
و بينما هو يطوف رأى الجموع كغنم لا راع لها. فهل كانوا في فاقة؟ أو جوع؟ أو ألم؟ لا... فلقد استطاع يسوع أن يرى الحاجة الروحية، فأشفق على المحتاجين. ولا بد أنه تألم و يتألم وهو يطوف عالماً كهذا.
تصوَّر نحاتاً قضى سنوات طوالاً في صنع تمثال جعله آية في الفن و الحسن، وما أن انتهى من صنعة حتى تحطم بعامل ما؛ وهنا جلس النحات بين حطام تمثاله العزيز وراح يذرف الدموع عليه، دموع اليأس، دموع فقدان عزيز غالٍ صنعه هوبنفسه... فهل يمكنك أ ن تتصوَّر شعور الله المحب الحنون حين يرى حطام الخليقة التعيسة، التي خرجت، بادىء بدء، كاملة الصنيع من بين يدية، وآلت إلى ما آلت إليه الآن؟ وهل يمكنك أن تتخيَّل حزنه وحنانه عندما يرى الخطية القاسية التي لا ترحم شخصاً ما يقع تحت سلطانها، بل تحطِّمه أخلاقياً ومعنوياً وروحياً ومادياً.
ولحنان يسوع وجهان من الحزن: حزنه على آلام البشرية المبرحة، وحزنه على سلطان الخطية المفسدة لخليقته الطاهرة. تأمل يسوع وهو يئن لأنيننا، ويتألم لآلامنا، و ينكسر قلبه لقلوبنا المنكسرة. فإذا به يمدُّ يد المعونة للخلاص، وينشر جناحي ظله لحمايتنا، ويسكب بركاته غزاراً، ونعمته هاطلة، فيحيط بنا إحاطة الإسوار بلمعصم. لقد ترأف على المجدلية، ولم ينبذ السامرية، وهو يترأف بنا أيضاً إن نحن إئتمناه وجئنا إليه بكل قلوبنا. فسوف نجده، إذ ذاك، الراعي الأمين والملجأ الحصين ويا له من ملجأ، والدرع الواقي.
ليتنا نقدِّر حنان يسوع، ولا نستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته. إنه يرغب أن جميع البعيدين عنه إليه يرجعون.
ولنذكر أن الفأس موضوعة على أصل الشجرة، منتظرة عبور فرصة الله، لتهوي على الشجرة فتقطعها للحريق الأبدي، وأياً كانت الفأس، فأس الموت أم الدينونة، القصاص أم الحكم، فلنعلم أننا لا نعلم متى تأتي اللحظة الحاسمة. يا لها من فرصة لك، فاهرب يا أسير!
و تعرَف بالــذي يفرج الأمــر العسير
هوذا الفادي يقول: أقبلـــوا يــــا متعبين
هل من الحكمة أن ترفض الصوت الأمين
فأقبل الدعوة، يــا خاطئاً، تلق السرور
إن بعد الموت لا نفع من قرع الصدور
منقول