واحد من بين كل عشرة صينيين هو مستخدم للإنترنت، وخلال العامين القادمين من المتوقع أن تكون الصين هي الدولة الأولى في عدد مستخدمي الانترنت بعد أن تتجاوز الولايات المتحدة الأمريكية بعدة ملايين من المستخدمين، تأتي تلك الأرقام رغم العقبات التي يلقاها مستخدمو الانترنت من رقابة على المواقع الأجنبية وإغلاق للمواقع الصحفية المعارضة، وحبس بعض أصحاب المدونات المعارضة سياسيا، حتى أن مستخدمي محرك جوجل للبحث باللغة الصينية ليس لديهم الإمكانية للبحث عن كلمات بعينها بسبب مدلولها السياسي .
رغم تلك العوائق إلا أن ظاهرة إدمان الانترنت تعد إحدى أهم الظواهر المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات في الصين، وتم تسليط الأضواء عليها في العديد من المنابر الإعلامية والسياسية على حد سواء، وجرت عدة محاولات لوضع مزيد من الضوابط على استخدام الانترنت لتحجيم هذه الظاهرة بين الشباب صغير السن، فحسب الإحصاءات التقديرية للحكومة الصينية في عام 2006 هناك 15،4 مليون مستخدم للإنترنت تحت سن 18 عام، منهم 2 مليون شاب مدمن للانترنت، وخلال العام الماضي جرت مناقشات داخل مجلس الشعب الصيني تهدف إلى وضع قيود على التعامل مع المواد الجذابة الموجودة على الانترنت من ألعاب وقمار ومواد إباحية على الشبكة.
وقامت الصين بشن حملة ضد إدمان المراهقين للإنترنت، وتم تحديد الفترات التي يقضيها كل مراهق عمره أقل من 18عاما داخل مقاهي الانترنت، بحيث يكون للمراهق فترة واحدة محددة لا تتكرر، ويتم تغريم صاحب المقهى في حالة مخالفة هذا الأمر، كذلك أعلنت الصين في نهاية الشهر الماضي عن حملة على أحد أنشطة الانترنت وهو القمار الالكتروني، وتأمل الحكومة الصينية أن تقضي على هذا النشاط من خلال هذه الحملة التي ستدوم ثلاثة أشهر .
في غمار الأخبار المتواترة عن أنشطة الصين ضد ظاهرة إدمان الانترنت بدأ التركيز الإعلامي على الشباب صغير السن والانترنت، ولعل قصة الشاب الصيني ذو السبعة عشر ربيعا الذي قضى نحبه بسبب مواصلة الجلوس أمام الانترنت قرابة أسبوع، كانت إحدى القصص الإخبارية التي استخدمت لترهيب الشباب المراهق من مسألة إدمان الانترنت، حيث كان هذا الشاب قد أفرط في الجلوس أمام ألعاب الانترنت بالساعات أثناء عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين، وتناقلت وسائل الإعلام قصته خلال الأسبوعين الماضيين كنموذج لنهاية مدمن الانترنت .
على جانب آخر توجد داخل الصين عيادات متخصصة لعلاج إدمان الانترنت، أحد أهم تلك المراكز العلاجية يقع في مستشفي عسكري ببكين، أما عن أسلوب العلاج فقد لا يختلف كثيرا عن علاج إدمان المخدرات، فهناك العلاج الكيميائي، والعلاج عبر الصدمات الكهربائية، إضافة إلى العلاج السلوكي، ويتم التدرج في تعويد الشاب على التعامل مع الانترنت، كأن يبدأ بنصف ساعة يقضيها على الانترنت، ثم يقضي في المرة التالية مدة 45 دقيقة وهكذا..
وينتمي مدمنو الانترنت من الشباب الصغير إلى طبقة ميسورة الحال نوعا ما، اتجه أبناؤها إلى مواقع الجنس والألعاب والدردشة هروبا من المشاكل الأسرية، وداخل مكان أشبه بالمعسكر الحربي يتم تعويد هؤلاء على عادات جديدة، ويتلقون تدريبات عسكرية لتغيير عادتهم اليومية.
ويعتقد البعض أن الحكومة الصينية تستغل موجة الاهتمام بمدمني الانترنت من الشباب صغير السن كي تفرض مزيدا من الرقابة على الانترنت، حيث دعا بعض المسئولين الحكوميين مؤخرا لفرض رقابة على كتاب المدونات الالكترونية حيث يمارس بعض الشباب من خلالها نقدا سياسيا للدولة، ويخشى بعض المسئولين الصينيين من التحرر الأخلاقي الذي يمارسه البعض عبر تلك المدونات .
وتعد الصين على رأس قائمة أعدتها منظمة مراسلون بلا حدود للدول التي وصفتها بأنها "أعداء للإنترنت" بسبب القيود التي تضعها على التعامل مع الانترنت، و قيام السلطات الصينية بحبس بعض الكتاب بسبب كتاباتهم على الانترنت