قرأت فى دفترى عبارة افزعتنى ,
وسجلتها لأسال فيها حتى يطمئن قلبي ..
عبارة فى الاصحاح الثانى عشر من أنجيل لوقا قال فيها السيد المسيح :" جئت لألقي ناراً على الأرض .. أتظنون أنى جئت لأعطى سلاماً على الأرض ,
كلا أقول لكم بل انقساماً ..فكيف والمسيح ابن مريم كلمة من الله ,
جاء ليلقى ناراً على الأرض ...
فكيف يكون الله تعالى هو الكريم ,
وأنه كتب على نفسه الرحمة , ويقول فى قرآنه أن المسيح كلمة منه ..
والمسيح يقول فى أنجيل لوقا أنه
جاء ليلقي ناراً على الأرض ...
وغمرتنى الدهشة وقلت لابد لذلك من تفسير ...
فمن يفسر لى حتى يطمئن قلبى ..
وصرت أسأل من أعرف من أخواتنا المسيحيين المثقفين ,
فلم أجد عندهم ما يريح نفسي ...
أما فيما يخص بالمسيحيين فمن أسال غير كبيرهم الذى أحمل له التقدير الكبير
لعلمه الواسع وإيمانه العميق ..
البابا شنوده ..
فهل المسيحي العادى يفطن لأول وهلة إلى المعنى الحقيقي لقول السيد المسيح ...
ترون من وجهة نظركم ماهى الاجابهما معنى قول المسيح فى انجيل لوقا
جئت لألقي ناراً على الأرض ...
وما تفسير هذه الايه ايضاّ ،
أتظنون أنى جئت لأعطى سلاماً على الأرض ,
كلا أقول لكم بل انقساماً ..
لعل هناك تساؤلات تدور فى ازهانكم
او تكونوا منتظرين رد قداسة البابا على هذه التساؤلات
لا ارغب ان اطيل عليكم
وها هو رد قداسة البابا على الاستاذ توفيق الحكيم
جئت لألقى ناراً :
وهى قول السيد المسيح
" جئت لألقى ناراً على الأرض . فماذا أريد لو أضطرمت " "لو12: 49 " .
1- إن النار ليست فى ذاتها شراً . وإلا ما كان الله قد خلقها .. !!
وليست بصدد الحديث عن منافع النار , ولا عما قيل عنها من كلام طيب فى الأدب العربي .
وإنما أقول هنا إن النار لها معان رمزية كثيرة فى الكتاب المقدس :
2- فالنار ترمز إلى عمل الروح القدس فى قلب الإنسان .
وقد قال يوحنا المعمدان عن السيد المسيح
" هو يعمدكم بالروح القدس ونار " " لو3: 16 " .
وقد حل الروح القدس على تلاميذ المسيح على هيئة ألسنة كأنها من نار .
" أع2: 3 " .
وكان هذا إشارة إلى أن روح الله ألهبهم بالغيرة المقدسة للخدمة .
وهذه الغيرة يشار إليها فى الكتاب المقدس بالنار .
وهى النار التى أعطت قوة لتطهير الأرض من الوثنية وعبادة الأصنام .
وهذه النار هى مصدر الحرارة الروحية .
وقد طلب منا فى الانجيل أن نكون " حارين فى الروح " " رو12: 11 " .
وقيل ايضاً " لا تطفئوا الروح " " اتس5: 129 " .
3- والنار ترمز أيضاً فى الكتاب إلى المحبة :
وقيل فى ذلك " مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة " " نش 8: 7" .
وقيل أيضاً " لكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين " "مت 24: 14 " .
4- والنار قد ترمز أيضاً إلى كلمة الله :
كما قيل فى الكتاب " أليست كلمتى هذه كنار , يقول الرب " " ار23: 29 " .
وقد قال ارمياء النبي عن كلام الرب إليه " فكان فى قلبي كنار محروقة " " أر20: 9 " .
لذلك لم يستطع أن يصمت . على الرغم من الإيذاء الذى أصابه من اليهود حينما أنذرهم بالكلمة .
5- والنار فى الكتاب ترمز أحياناً إلى التطهير :
كما قيل عن إشيعاء النبي إن واحداً من الملائكة
طهر شفتيه بجمرة من النار " " أش 6: 6, 7 " .
وإن كانت النار تحرق القش , إلا أنها تنقي الذهب من الأدران ,
وتقوى الطوب الطين وتجعله صلباً . وكانت تستخدم فى العلاج الطبي " بالكي " .
+ + +
فالذى كان يقصده السيد المسيح :إننى سألقى النار المقدسة فى القلوب . فتطهرها ,
وتشعلها بالغيرة المقدسة لبناء ملكوت الله , على الأرض ,
لذلك قال : ماذا أريد لو أضطرمت " .
هذه النار قابلتها نار أخري من أعداء الإيمان تحاول إبادته . وهكذا اشتعلت الأرض ناراً ,
كانت نتيجتها إبادة الوثنية , بعد اضطهادات تحملها المسيحيون .
هناك إذن نار اشتعلت فى قلوب المؤمنين , ونار أخرى اشتعلت من حولهم .
وكانت الأولى من الله , والثانية من أعدائه .
والسيد المسيح نفسه تعرض لهذه النار المعادية , لذلك قال بعد هذه الآية مباشرة ,
يشير إلى آلامه المستقبلية , " ولى صبغة اصطبغاها .
وكيف أنحصر حتى تكمل " " لو12: 50 " .
وبنفس الأسلوب تحدث عن صبغة آلامه فى " مت20: 22 " , "مر10: 38 " .
+ + +
بقي أن نتحدث عن النقطة التالية :
ما جئت لألقى سلاماً بل سيفاً :
وهى قول السيد المسيح بعد الإشارة إلى آلامه مباشرة .
" أتظنون أنى جئت لألقي سلاماً على الأرض كلا , أقول لكم بل انقساماً " " لو12: 51 " .
إنه جاء ينشر عبادة الله فى العالم كله , بكل وثنيته ,
ولذلك قال لتلاميذه " اذهبوا إلى العالم أجمع .
واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " "مر16: 15 " .
تضاف إلى هذا : المبادئ الروحية الجديدة التى جاء بها المسيح .
وهى تختلف عن سلوكيات وطقوس العبادات القديمة .
وكان أول من انقسم على المسيح , ثم على تلاميذه : اليهود وقادتهم .
ليس بسبب المسيح , إنما بسبب تمسك اليهود بملك أرضي ,
وبسبب هم الحرفى للكتاب . لدرجة أنهم تآمروا عليه ليقتلوه ,
لأنه شفى مريضاً فى سبت " مت 12: 49 " .
وتضايق منه اليهود , لأنه كان يبشر الأمم الأخرى بالإيمان .
وهو يردون أن يكونوا وحدهم شعب الله المختار .
لذلك لما قال بولس الرسول أن السيد المسيح أرسله لهداية الأمم ,
صرخ اليهود طالبين قتله " أع22: 21, 22 " .
بل أن القديس بولس لما تحدث عن القيامة ,
حدث انشقاق وانقسام بين طائفتين من اليهود هما الفريسيون والصدوقيون ,
لأن الصدوقيين ما كانوا يؤمنون بالقيامة ولا بالروح " أع23: 6, 9 " .
وانقسم اليهود على المسيح , لأنهم كانوا يريدون ملكاً أرضياً ينقدهم من حكم الرومان .
أما هو فقال لهم " مملكتى ليست من هذا العالم " يو18: 36 " .فلم يعجبهم
حديثه عن ملكوت الله , ولا قوله " اعطوا ما لقيصر لقيصر .. " " مت22: 21 " .
وهكذا قام ضد المسيح كهنة اليهود وشيوخهم والكتبة والفريسيون والصدوقيون .
+ + +
أكان يمكن للمسيح أن يمنع هذا الأنقسام , بأن يجامل اليهود فى عقيدتهم
عن الشعب المختار , ورفضهم لإيمان الأمم الأخرى . ورغبتهم فى الملك الأرضي ,
وحرفيتهم فى تفسير وصايا الله أم كان لابد أن ينشر الحق . و لا يبالى بالانقسام
كذلك واجه السيد المسيح العبادات القديمة بكل تعددها وتعدد آلهتها :
آلهة الرومان الكثيرة تحت قيادة جوبتر , والآلهة اليونانية الكثيرة تحت قيادة زيوس ,
والآلهة المصرية الكثيرة تحت قيادة رع وأمون ,
وباقى العبادات وكذلك الفلسفات الوثنية المتعددة .
وكان لابد من صراع بين عبادة الله والعبادات الأخرى .
أكان المسيح يترك رسالته لا ينادى بها خوفاً من الانقسام , تاركاً الوثنيين فى عبادة الأصنام ,
لكى يحيا فى سلام معهم ! ألا يكون هذا سلاماً باطلاً !!
أم كان لابد أن ينادى لهم بالإيمان السليم . و لا خوف من الانقسام ,
لأنه ظاهرة طبيعية فطبيعي أن ينقسم الكفر على الإيمان .
وطبيعي أن النور لا يتحد مع الظلام .
لم يكن الانقسام صادراً من السيد المسيح , بل كان صادراً من رفض الوثنية للإيمان
الذى نادى به المسيح. وهكذا أنذر السيد المسيح تلاميذه , بأن انقساماً لابد سيحدث .
وأنهم فى حملهم لرسالته , لا يدعوهم إلى الرفاهية , بل إلى الصدام مع الانقسام .
لذلك قال لهم " فى العالم سيكون لكم ضيق " " يو16: 33 "
" تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله " " يو16: 2 "
إن كان العالم يبغضكم , فاعلموا أنه قد أبغضنى قبلكم " "يو15: 18-20 "
لقد وقف السيف ضد المسيحية . لم يكن منها , وإنما عليها .
وعندما رفع بطرس سيفه ليدافع عن المسيح وقت القبض عليه , انتهره ومنعه قائلاً :
اردد سيفك إلى غمده . لأن كل الذين يأخذون بالسيف , بالسيف يهلكون " " مت26: 52 " .
وكانت نتيجة السيف الذى تحمله المسيحيون ,
ونتيجة انقسام الوثنيين واليهود عليهم, مجموعة ضخمة من الشهداء .
ومع الصمود فى الإيمان , انتشر الإيمان وبادت الوثنية . فى وقت من الأوقات .
ظن تلاميذ المسيح – كيهود – إن المسيح سيملك لذلك اشتهى بعضهم أن يجلس عن
يمينه وعن شماله فى ملكه . فشرح لهم السيد أن حملهم لبشارته سوف لا يجلب
لهم سلاماً ورفاهية , وإنما إنقساماً من أعداء الإيمان . بل سيحدث هذا حتى فى مجال
الأسرة فى البيت الواحد : إذ قد يؤمن ابن بالله , فيثور عليه أبوه الوثنى , ويجبره على
العودة إلى وثنيته أو يقتله . وهكذا مع باقى أفراد الأسرة التى تنقسم بسبب الإيمان .
فهل يرفض هؤلاء الإيمان , حرصاً على عدم الإنقسام
كلا . فالانقسام هنا ليس شراً , وإنما ظاهرة طبيعية . وكل ديانة انتشرت على الأرض ,
واجهت مثل هذا الانقسام فى بادئ الأمر . إلى أن استقرت الأمور .
+ + +
هل يفطن المؤمن العادىوهى عبارة
" هل المؤمن العادى يفطن لأول وهلة إلى المعنى الحقيقي لقول السيد المسيحتكلم المسيح عن
الانقسام فى مجال نشر الإيمان . أما فى الحياة العادية ,
فإنه دعا إلى الحب بكل أعماقه . وورد فى الإنجيل إن " الله محبة " "1يو4: 8 " .
كما قيل فيه أيضاً " لتصر كل أموركم فى محبة " "1كو16: 14 " .
أجيب أنه من أجل هذا , وجد فى كل دين وعاظ ومعلمون ومفسرون , وكتب للتفسير .
كما أن علم التفسير يدرس فى كل الكليات الدينية بشتى مذاهبها .
فمن يريد عمقاً فى فهم آية , أمامه الكتب , أو سؤال المتخصصين .
وختاماً أشكركم كثيراً . لأنكم أتحتم لى هذه الفرصة الحديث معكم ومع قرائكم الكرام .
دامت محبتكم .
لقد اجاب قداسة البابا على كل التساؤلات
التى اثيرت فى ازهان كل من قرأ مقال
الاستاذ المعروف توفيق الحكيم الذى
نشر فى الاهرم بتاريخ 2/12/1985
اجاب اجابات لن انساها اجابات مقنعه جدا
وبأيات من الكتاب المقدس ولن ينساها كل من قرأها
ربنا يديم كهنوتك ياسيدنا للكنيسه ازمنه مديده
ويخليك لينا ياقديس القرن العشرين
منقووول