الفرح رغم الأحزان" كحزانى ونحن دائماً فرحون " ( 2 كو 6 : 10 ) + كثيرون يندهشون ويتحيرون ، عندما يقرأون الآية السابقة ، ويتساءلون : " هل يمكن تنفيذ هذه المعادلة الصعبة ؟! ، وهل فى وسط الأحزان يمكن أن نفرح باستمرار ؟! . ومع أن العالم يقول دائماً : " إن الفرح (السرور) أيامه محدودة ، والحزن أيامه عديدة ، نفرح لحظات ونحزن ونغضب ونتألم ونتبرم سنوات !! " ، وذكر الوحى القدس أن حياة الإنسان مليئة بالشقاء والتعب ، [راجع (تك 47 : 9) ، (أى 14 : 1) ] .
+ إن القديس بولس الرسول ، قد أختبر الأحزان فى الخدمة ، ولكن أمتلأ قلبه فى نفس الوقت بالتعزيات ( فى سجن فيلبى كان يرنم ) ، ومما يؤكد إمكانية الفرح الروحى الدائم ، أن الرب قد وعد أن يهب " عربون " الفرح الأبدى للذين يمتلئون دائماً بالروح القدس ( غل 5 : 22 ) وينعمون بسلام قلبى ، وفرح حقيقى ، يفوق كل عقل (فى 4 : 7) مثل الرسول بطرس الذى كان نائماً مطمئناً فى السجن ، ليلة قطع رقبته !! .
+ وهو ما أحسه وأدركه الشهداء والمعترفون والآباء القديسون المتألمون فى الجسد ، والفرحون بالروح ، لأنهم اعتبروا الألم من أجل الله " بركة عظمى " ( فى 1 : 29 ) ففرحوا به ، وسعوا إليه وشكروا المُعذبين لهم ، ودعوا لهم بالرحمة ( أع 7 ) .
+ وها هى نصيحة الرسول المجرب القديس يعقوب : " احسبوه كل ( منتهى ) الفرح ، حينما تقعون فى تجارب متنوعة " ( يع 1 : 2 ) ، ولأنه كلما كثرت الآلام – من أجل الله – كثرت التعزيات بنفس النسبة ( 2 كو 1 : 5 ) .
+ أما عن أسباب فقدان الفرح والسلام القلبى مع المتاعب :
1 – الخطية ، والجهل الروحى ( يزعم البعض أن الشهوات واللهو تجلب السعادة ) !!.
2 – عدم فهم طبيعة الحياة ، ولا طبيعة الناس فى هذا العالم .
3 – الأنانية ، وعدم الحكمة الروحية ( تكرار نفس الخطايا رغم ما يترتب عليها فقدان لحياة الفرح والسلام !! ) .
+ كيفية إقتناء الفرح والسلام القلبى :
1 – التوبة الحقيقية والحياة مع الله ، بقلب نقى : " أمامك يارب شبع سرور " ( مز 16 : 11 ) ، " المتقون يرونى ويفرحون " ( مز 119 : 74 ) ، " فرح التلاميذ إذ رأوا الرب " ( يو 20 : 20 ) .
2 – ترك أسلوب الغضب والصياح ، والتحدث بصوت منخفض ، وبروح الأتضاع والمنطق المُقنع والمريح للأعصاب الثائرة ، والمساعد على حل المشاكل بسرعة ، وعودة السلام ، بدون آلام للنفس والغير .
* والتعامل مع المُتعبين ( كمرضى ) ، فى حاجة لعلاج لا عقاب ولا عتاب ، كما فعل الرب يسوع مع أشر الخطاة .
3 – عمل الخير للغير حتى الأعداء ( مت 5 : 44 ) ، بتقديم الكلمة الحلوة ، والهدايا ، بدلاً من الكلمات الجارحة " مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ " ( أع 20 : 35 ) ، ويقول المثل العامى " الإحسان يقطع اللسان " ( كما فعل المعلم إبراهيم الجوهرى وأخوه جرجس الجوهرى ) .
4 – حضور القداسات والإجتماعات الروحية باستمرار ، لأن سماع كلمة الله والترانيم ، تعزى القلب ، وتريح الأعصاب . " جعلت الرب أمامى ، لذلك فرح قلبى وابتهجت روحى " ( مز 16 : 8 ) .
5 – عدم التمسك بمحبة العالم ( الماديات ) ، لأنها تقود للمشاكل والخصام وفقدان السلام ( راجع المزمور 73 ) .
* قال القديس مارإسحق السريانى : " النفس المُحبة لله ، تكون سعادتها فى الله وحده " .
* وقال القديس إبيفانيوس : " لا تُحبوا متاع الدنيا ، فتستريحوا ، وتفرحوا فى الآخرة "
6 – الإعتراف بالذنوب ، والإستفادة بكل وسائط النعمة والإرشاد الروحى ، كما قال أحد الأباء القديسين : " من كان بلا مرشد روحى ، لا تكون له سلامة " ( القلق من كتم الأفكار والمشكلات ) .
7 – الحياة بقناعة وطاعة ووداعة ، كما علمنا القديس بولس الرسول ( 1 تى 6 : 8 ) .
وليست السعادة فى جمع واكتناز المال ، كما يعتقد البعض .. ولكن السعادة فى التقوى والرضى والقناعة .
8 – التدرب على ضبط اللسان والصمت الإيجابى ، كما قال القديس مار إفرام السريانى : " إن أحببت الصمت ، تسير سفينة حياتك بهدوء وسلام " .
9 – الفرح بخدمة الله ، قال رب المجد يسوع لتلاميذه : " لا تفرحوا بهذا ( نجاح خدمتكم اليوم ) بل افرحوا بالحرى أن أسماءكم قد كُتبت فى السموات " ( لو 10 : 20 ) فى سفر الحياة .
10 – عدم ترك الرب أو بيته فى وقت التجربة الصعبة ، لأنه هو الوحيد المُعزى فى وسط الضيقات، وهو الوحيد والمُريح لكل التعابى ، من أى شئ يؤلمهم فى العالم ، واشكر الله دائماً .
منقول