تاريخ البطاركة في الكنيسة القبطية
23- البابا ثاؤفيلس
( 385 - 412 م)
المدينة الأصلية له : الأسكندرية
الاسم قبل البطريركية : ثاؤفيلس
تاريخ التقدمة : 22 مسرى 101 للشهداء - 16 أغسطس 385 للميلاد
تاريخ النياحة : 18 بابه 128 للشهداء - 15 أكتوبر 412 للميلاد
مدة الإقامة على الكرسي : 27 سنة وشهران
مدة خلو الكرسي : يومان
محل إقامة البطريرك : المرقسية بالأسكندرية
محل الدفن : كنيسة بوكاليا
الملوك المعاصرون : ثيؤدوسيوس - اركاديوس - ثيؤدوسيوس الثاني
+ كان تلميذاً للبابا أثناسيوس الرسولى، تربى عنده وتأدب منه الأدب الروحانى.
+ ولما تنيَّح البابا تيموثاوس قُدم هذا الأب مكانه، وكان عالماً فاضلاً حافظاً لكتب الكنيسة ملماً بتفاسيرها... فوضع ميامر كثيرة وأقوالاً مفيدة روحانية.
+ أكمل جهاده بعد أن رعى شعب المسيح أحسن رعاية وتنيَّح بسلام.
وتعيد الكنيسة بنياحته في الثامن عشر من شهر بابه.
بركة صلاته تكون معنا آمين.
السيرة كما ذكرت في كتاب السنكسار
نياحة البابا ثيؤفيلس 23 (18 بابة)
في مثل هذا اليوم من سنة 404 ميلادية تنيَّح الأب القديس الأنبا ثاؤفيلس الثالث والعشرون من باباوات الإسكندرية، كان تلميذا للأب القديس أثناسيوس الرسولي، وتربى عنده، وتأدب منه الأدب الروحاني.
ولما تنيَّح البابا تيموثاوس قدم هذا الأب مكانه، وكان عالما حافظا لكتب الكنيسة، ملما بتفاسيرها، فوضع ميامر كثيرة وأقوالا مفيدة في الحث على المحبة والرحمة، والتحذير من الدنو من الأسرار الإلهية بدون استعداد، وفي القيامة، والعذاب المعد للخطاة، وغير ذلك من التعاليم النافعة
وكان الأب القديس كيرلس ابن أخته، فاعتنى بأمر تعليمه بأن أرسله إلى الأب سرابامون بجبل شيهيت، فتفقه عنده ودرس كتب الكنيسة وعلومها وقضى هناك خمس سنوات وعاد إلى خاله، وكان ملازما للقراءة أمام الشعب.
ولما كان البابا ثاؤفيلس عند الأب القديس أثناسيوس الرسولي سمعه ذات يوم يقول – وقد تطلع إلى أكوام كانت تجاه قلايته – أن وجدت زمانا أزلت هذه الأكوام، وبنيت مكانها كنيسة للقديس يوحنا المعمدان وأليشع النبي.
فلما قدم بطريركا تذكر ذلك القول، وكان يتحدث به كثيرا، وكان برومية امرأة غنية توفي زوجها وترك لها ولدين، فأخذتهما وأخذت معها مالا كثيرا وأيقونة الملاك روفائيل وحضرت إلى الإسكندرية، فلما سمعت باهتمام الأب البطريرك بإزالة هذه الأكوام تقدمت إليه بغيرة صادقة وقدمت له الأموال الكافية لتحقيق غرضه، وحدث بعد إتمام العمل أن ظهر تحت أحد الأكوام كنز مغطى ببلاطة نقش عليها بالقبطية ثلاثة أحرف ثيطة أي (ث)، فلما رآها الأب ثاؤفيلس علم بالروح القدس سر هذه الحروف وقال "لقد أتى الزمان الذي يظهر فيه هذا الكنز لأن الثلاث ثيطات قد اجتمعت في زمان واحد، وهم ثآؤس أي الله، ثاؤدسيوس الملك ابن أرقاديوس بن ثاؤدسيوس الكبير، وثاؤفيلس البطريرك يعنى ذاته"، ووجد أن تاريخ هذا الكنز يوافق زمان الإسكندر بن فيلبس المقدوني أي منذ سبعمائة سنة،
فأرسل الأب إلى الملك يعرفه بذلك ويطلب إليه الحضور، فحضر الملك ورأى الكنز، ثم أمر بمنح مبلغ كبير للأب ثاؤفيلس، فبنى عدة كنائس، وقد بدأها ببناء كنيسة على اسم القديس يوحنا المعمدان وأليشع النبي، ونقل جسديهما إليها، وهى التي كانت معروفة يومئذ بالديمارس، ثم كنيسة على اسم السيدة العذراء، ثم كنيسة على اسم الملاك روفائيل بالجزيرة، وسبع كنائس أخرى،
أما ولدا المرأة التي حضرت من رومية فقد رسمهما أسقفين، ولما رأى الملك صدق عزم الأب البطريرك واهتمامه ومحبته في عمارة الكنائس، أمر له بمال البرابي التي في ديار مصر كلها فحولها إلى كنائس وأماكن لإضافة الغرباء، وعين لها أوقافا وأكمل أيامه في سيرة مرضية لله، ثم انتقل من هذا العالم بسلام. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا. آمين.
معلومات إضافية
ولد في مدينة ممفيس من أبوين مسيحيين وتيتم منهم وهو طفل، وله أخت صغيرة فقامت بتربيتهما جاريه حبشيه وذهبت بهم إلى الإسكندرية، وعندما استقرت هناك آخذتهما للصلاة في كنيسة السيدة العذراء فتقابلت مع البابا أثناسيوس الرسولى، الذي عرف منها قصة الطفلين فأخذهما ووضعهما تحت عنايته الخاصة. ولما كبرت قليلا وضع الفتاة في دير لتبيت به إلى يوم زواجها. ثم تزوجت رجل من بلدة المحلة وفيها ولد كيرلس الذي صار فيما بعد خلفا لخاله تاؤفيلس. أما ثاوؤفيلس فقد جعله القديس أثناسيوس في سلك تلاميذه، فنمى في العلم والمعرفة والتقوى، ثم اختاره معلمه سكرتيرا له، ثم رسمه قسا فظل في خدمة المذبح مدى باباوية كل من أثناسيوس وبطرس وتيموثاوس الأول، إلى أن انتخب بالإجماع بطريرك في شهر مسرى سنة 102 ش و 385 في عهد ثيؤدوسيوس قيصر. فلما اعتلى الأنبا ثاؤفيلس السدة المرقسية وضع نصيب عينيه أن يستغل أيام باباويته في بناء الكنائس، وكان القديس أثناسيوس قد تنبأ عن تلميذه ثاؤفيلس قائلا أنه سيكون مطرقة قوية لهدم معابد الوثنيين. فبدا سنة 389 م بهدم اطلال هيكل دارس وبنى مكانه كنيسة باسم الملك ثيؤدوسيوس، واستمر بعد ذلك في تحويل الهياكل الوثنية إلى كنائس مسيحية مما أدى إلى اتساع نطاق المسيحية في الأقطار المصرية كلها.
وقد هيأت العناية الإلهية لهذا العظيم رجال ممتازين ساعدوه في كثير من المهام، من أبرزهم ايسيذورس الذي تنسك في وداى النطرون الذي عينه البابا مشرفا على المستشفي التابع للكنيسة، بالإضافة إلى أربعة رهبان معروفين في التاريخ باسم "الاخوة الطوال" نظرا لطول قامتهم، وكان الأنبا ثاؤفيلس يقدر هؤلاء الأخوة حق قدرهم، فدفع أحدهم إلى كرامة الأسقفية على كرسي هرموبوليس (المنيا).
وقد كان هؤلاء الرهبان معجبين باوريجانوس ومؤلفاته، وقد بلغ إعجابهم به جدا جعلهم يفسرون تعاليمه الرمزية تفسيرا حرفيا! فلما انتشر سخط الأنبا ثاؤفيلس عليهم وعلى أوريجانوس، فانتهز فرصة الرسالة الفصحية وهاجمهم فيها، ناسبا إليهم فهمه الأوريجانية التي عدها بدعة في المسيحيين، فاحتجوا عليه احتجاجا شديدا، وذهبوا إلى يوحنا ذهبى الفم أسقف القسطنطينية لرفع شكواهم ضد البابا، فلما وصل ايسيذورس والأخوة الطوال القسطنطينية ورفعوا شكواهم إلى أسقفها ذهبى الفم، فكتب إلى الأنبا ثاؤفيلس خطاباً دافع فيه عنهم وعن أوريجانوس بلهجة تفيض حكمة ووداعة، فاستمالوه عطفاً عليهم.
غير انه المؤلم أن هذا الخطاب كان مثار لسخط البابا الإسكندرى بدلاً من رضاه، فبعث إلى يوحنا ذهب الفم برسالة اتهمه فيها بعمله على تحريض رهبان مصر إلى التمرد عليه.
وفي تلك الفترة مات الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير، وخلفة ابنه أركاديوس على عرش القسطنطنية، فعرض ذهبى الفم الخلاف الذي بينه وبين الأنبا ثاؤفيلس، فأمر بعقد مجمع في القسطنطينية للنظر في هذا الخلاف، وأرسل إلى البابا ثاؤفيلس لحضور المجمع. غير انه في أثناء تلك الفترة هاجم ذهبى الفم الإمبراطورة أودوكسيا لغطرستها واستفادتها! فغضبت الإمبراطورية وقررت الانتقام منه، ولما وصل البابا ثاؤفيلس إلى القسطنطينية كانت كل هذه الحوادث قد إحيلت منهم إلى قاضى، فانعقد المجمع وحكم على ذهبى الفم بالنقل! فثار الشعب نتيجة لحبه الكبير لذهبى الفم، وحدث زلزال عنيف، فصدر الأمر الإمبراطوارى بإعادة ذهبى الفم وخرجت المدينة كلها لاستقباله بالتعظيم والتبجيل. وعاد الأنبا ثاؤفيلس في تلك الأثناء إلى الإسكندرية وتصالح مع ايسيذورس والاخوة الطوال وأعلن موافقته على تعاليم أوريجانوس.
ولا ريب أن تاريخ البابا ثاؤفيلس قد نشرت بمقاومته لفم الذهبى الرجل الذي أجمعت كل الكنائس على محبته، ولكن التاريخ نفسه يخبرنا انه فيما بعد تجلى له سوء صنيعه وشدة تطرفه ضد أخيه فم الذهب، فندم على ما بدأ منه ضده. ثم قضى بقية حياته في الأعمال النافعة، فأضاف بعض القوانين للكنيسة، ثم اشتغل في إنجاز بعض المسار الهامة وكان بارا تقيا كما يشهد بذلك مؤلف كتاب الدلالة اللامعة.
وكانت نياحته في 18 بابه سنة 129 ش و15 أكتوبر سنة 412 م
وخلف تأليف (كتب) جليلة مملوءة بالتعليم المسيحية النقية وكلها تدور حول المحبة والرحمة والنصح والتناول والقيامة والعقاب والثواب. وهو أول من أطلق على الكنيسة المصرية اسم الكنيسة القبطية.