شخصيــات حــول الصليــب
+ هيرودس
(8 واما هيرودس فلما رأى
يسوع فرح جدا لانه كان يريد من زمان طويل ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة
وترجى ان يرى آية تصنع منه. 9 وسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء. 10 ووقف
رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. 11 فاحتقره هيرودس مع عسكره
واستهزأ به والبسه لباسا لامعا ورده الى بيلاطس.)(لوقا 23: 8 – 11)
لقد
وضع هيرودس صورة معينة عن يسوع، انه صانع المعجزات والآيات، وكان ينتظر ان
يتسلي بأن يرى (آية) أي معجزة او علامة منه !!
ولكن يبدو ان هيرودس لم
يفهم ان السيد يسوع المسيح لم يكن صانع المعجزات للتسالي او للابهار ، فهو
صانع المعجزات للمحتاجين والطالبين الله بصدق واخلاص، لم يصنع يسوع
المعجزات للتباهي او للتسليه، او لان احدهم يطلب منه ان يصنع معجزة لاي سبب
كان. استجابة المسيح لاجراء المعجزة كانت بحسب الاحتياج وليس حسب الرغبة
او الطلبة.
ولهذا فكان التحول العجيب والسريع بين فرحة هيرودس بلقاء
يسوع ، ثم احتقاره له لانه وجد ان يسوع لا يوافق الصورة التي افترضها، او
ربما لانه شعر بأن رفض المسيح اجراء معجزات التسالي احتقارا له ولمكانته
الملكية.
وللاسف فان كثير من الناس اليوم هم هيردوس، يطلبون المعجزة
لكي يؤمنوا، وكأن الانسان هو الذي يأمر الله باجراء المعجزة ، وعلى الله
السمع والطاعة والتنفيذ.
لا ياعزيزي ، السيد المسيح مستعد لاجراء
المعجزة لكل من يؤمن ، ولكنه لا يصنع المعجزة اولا لكي تؤمن ، فالايمان هو
الذي يصنع المعجزات ، ولكن المعجزات لا تصنع ايمانا !!!!!
+
المجتازون
هذا الموقف المتكرر للسيد يسوع المسيح نجده في اكثر من
مشهد في الكتاب المقدس ، فعندما جاء الشيطان ليجربه قال له (ان كنت ابن
الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا) ولم يستجب له المسيح باجراء هذه المعجزة
المبهرة (بحسب فكر الشيطان)، فالمسيح لا يصنع المعجزات للابهار، وعندما
كان المسيح على الصليب كان الجميع يسخرون منه قائلين ويسجل الانجيل : ( 39
وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم40 قائلين يا ناقض الهيكل
وبانيه في ثلاثة ايام خلّص نفسك.ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب. 41 وكذلك
رؤساء الكهنة ايضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا 42 خلّص آخرين
واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها.ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الآن عن
الصليب فنؤمن به.). (متى 27 : 39 – 42)
عزيزي ، حول الصليب، ظهرت شخصيات
لا تفهم ارادة الله، وكانت طلباتهم تتحدى الله وتطلب ما لنفسها، بدون ان
تفهم حقيقة عمل المسيح على الصليب، فالمسيح على الصليب لتتميم عمل الفداء
الذي اعده الله منذ تأسيس العالم ، ولن ينزل المسيح عن الصليب، حتى ولو كان
التحدي (لكي نؤمن بك)، فعمل الله بالفداء هو الذي يجعل الايمان به وبخلاصه
سبيلا للتطهير والتبرير من الخطية.
حول الصليب كان هناك المجتازون ،
العابرون فقط ، الناظرون من بعيد الى ظواهر الامور ولم يهتموا بالسؤال عن
جوهر الحقائق ، النبؤات التي نطقها الانبياء والتي اخبرت عن كل شيء قبل
تحقيقها، فهل انت مجتاز ، ام واقف تحت الصليب محققا ومدققا لكل الاخبار
والاحداث ؟
المعجزة لا تصنع الايمان ، ولكن الايمان يصنع المعجزات.
هذا
ما قاله ابراهيم للغني عندما طلب منه ان يقوم لعازر من الاموات ويذهب
لاخوته ويحذرهم من المصير الابدي في العذاب، فكان رد ابراهيم :
(ان
كانوا لا يسمعون من موسى والانبياء ، ولا ان قام واحد من الاموات يصدقون)
(اقرأ لوقا 16: 19 – 31)
تعال الى المسيح واطلب منه بالايمان، لا
بتحدي ولا بطلب البرهان ، وقتها ستنال استجابة طلبتك ، ان كانت توافق ارادة
الله الصالحة المرضية الكاملة
(الحق اقول لكم ان كان لكم ايمان
ولا تشكّون فلا تفعلون امر التينة فقط بل ان قلتم ايضا لهذا الجبل انتقل
وانطرح في البحر فيكون. وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه)(متى 21 :
21 – 22)
بمناسبة الاحتفال باسبوع الآلام والصلب ، فكرت ان اشارك معككم
بعض التأملات عن شخصيات حول الصليب ، وتأمل معي هل انت في موقفك من الصليب
والمصلوب تشابه احدا فيهم ؟؟
+ الجموع الهاتفة
( والجموع
الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أوصنا لابن داود.مبارك
الآتي باسم الرب.أوصنا في الاعالي.10 ولما دخل اورشليم ارتجّت المدينة كلها
قائلة من هذا) (متى 21: 9 – 10)
عندما دخل المسيح الى اورشليم الدخول
الانتصاري، كان يحقق النبؤة الواردة في سفر زكريا (ابتهجي جدا يا ابنة
صهيون اهتفي يا بنت اورشليم.هوذا ملكك يأتي اليك هو عادل ومنصور وديع وراكب
على حمار وعلى جحش ابن اتان) (زكريا 9: 9)
وكانت الجموع تهتف له فرحة
(أوصنا)، والكلمة من أصل آرامي ومعناها (خلصّنا)، فمن اي شيء كان يطلب
الشعب الخلاص؟
يبدو ان الامور كانت مختلطة على الجموع ، فقد كانوا
يطلبون الخلاص من الاحتلال الروماني، الذي اغتصب حريتهم، واخذهم أسري وحدد
ارادتهم، والسيد المسيح جاء ليخلصهم ويعطيهم حريتهم ، فهو القائل ( ان
حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون احرارا) (يوحنا 8: 34 – 36) ولكنه، كان
يتكلم عن الحرية من عبودية ابليس والشيطان، ولم يكن لهذا طريق او وسيلة الا
طريق الصليب.
نعم ففي الصليب، انتصر المسيح على مملكة الظلمة وعلى جميع
رياساتهم وسلاطينهم (.14 اذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدا
لنا وقد رفعه من الوسط مسمرا اياه بالصليب.15 اذ جرد الرياسات والسلاطين
اشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه ) (كولوسي 2: 14 – 15)
هذا ما لم تفهمه
الجموع ، فنفس الاصوات التي صرخت له (أوصنا) وهتفت له كملك ، هي نفسها التي
صرخت ضده (اصلبه، دمه علينا وعلى اولادنا)، عندما لم تفهم كيف سيحررهم
السيد يسوع المسيح وكيف سيجعلهم بالحقيقة أحرارا.
والان ، فلننظر الى
انفسنا ، هل انت واحد من (الجموع الهاتفة) فاذا قالوا هو الملك ، قلت معهم ،
واذا قالوا فلنصلبه ونتخلص منه ، صرخت ايضا معهم ؟ هل انت واحد من الجموع
تتحرك بمن يحركك ، ام انت واحد من الذين كان لهم فكرا مختلفا ، وظل مع
المسيح الملك واقفا تحت الصليب، مع امه العذراء ويوحنا الحبيب ؟
اذكــرونا
واذكــروا الخدمــة فــي صلواتكــم
آميــــ†ـــــــين