بـــــــــــــــركـــــــــة الانكــــــسار
.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.
وأخيراً، وبعد صراع طيلة الليل ولم يخضع يعقوب، ضرب الله (وفي بعض الترجمات: ”لمس“) حُقَّ فخذه، فجعله يكْسح، وحينما تعجز قدما المصارع، فهو لا يستطيع أن يفعل شيئاً، فالرجْلان تحملان أقوى عضلات المصارع.
وبدأ يعقوب يزحف، فقد فَقَدَ سلاحه الأخير. حينما يفقد المصارع كل خططه ويفقد قواه، فهو على الأقل يلجأ إلى الهرب، لكنه الآن لم يقدر ولا حتى أن يهرب. وهكذا أتى به الرب إلى موقف الانكسار الكلِّي والكامل، وضاع منه كل مَهْرَب أو ملجأ! لكي يصنع به الله العمل العجيب الذي يريده.
حينئذ باركه الله:________________________
وقال الملاك لهذا المصارع الكسيح: «أطلِقْني». إن أحد معاني اسم ”يعقوب“: ”الذي يتعقَّب آخر ويتشبث به“. كان يعقوب ما يزال في وضع التشبُّث، فقال للرب: «لا أُطلِقَك إن لم تباركني». وهنا أتت اللحظة التي كان ينتظرها الله حين ينطق يعقوب بهذه الكلمات: «تباركني»، وحينئذ حدث شيء عجيب.
فقد سأل الملاكُ يعقوبَ عن اسمه، وكان الرب يعرفه حتماً، لكنه كان يريد أن ينطق يعقوب باسمه الذي يعني ضمن ما يعني: ”الطمَّاع، الجشع“ (ولا ننسى كيف أخذ البكورية من عيسو بحيلة ومكر)! حينئذ أراد الله أن يعطيه اسماً آخر، هو ”إسرائيل“، والذي يعني: ”مصارع الله“. وهكذا صار يعقوب مصارع الله، لأنه رجع أخيراً إلى نفسه.
فانظر كيف أن الله أراد أن يبارك يعقوب لا أن يُحطِّمه. لقد ”كسَّحه“ لكي يُتوِّجه، لكي يُباركه.
الاتِّكاء على الله:
_______________________
وحتى نهاية عمر يعقوب، كان يتوكَّأ على عكاز، وكان يحمل دائماً عصاه يتوكَّأ عليها. وفي رسالة العبرانيين (11: 21) يقول القديس بولس الرسول: «بالإيمان يعقوب عند موته بارك كل واحد من ابني يوسف، وسجد (متوكِّئاً) على رأس عصاه»، وكان عمره آنئذ 147 عاماً، وهو ما زال يتوكَّأ على عكازه. وتعلَّم يعقوب كيف يتوكَّأ، واكتشف أنه وهو يتوكَّأ كان أقوى مما كان وهو واقفٌ على رجليه. لقد سجد وعَبَدَ الله وهو يتوكَّأ، وهذه خير طريقة للسجود والعبادة لله، أن يكون الإنسان مجاهداً من أجل محبة الله.
**************************************************