إمكانية القيامة ولزومها [b][b]بقلم : البابا شنودة الثالث
[/b][/b]
[b][b]
[b]إمكانية القيامة
إن إقامة الاجساد بعد الموت، معجزة تدخل في قدرة الله علي كل شيء. ولاشك إن إقامة الأجساد أسهل من خلقها فالله الذي أعطاها نعمة الوجود، هو قادر بلاشك علي إعادتها إلي الوجود. هو خلقها من تراب الأرض، وهو قادر أنه يعيدها من تراب الأرض مرة أخري. بل أعمق من هذا أنه خلق الكل من العدم. خلق الأرض وترابها من العدم، ثم من تراب الأرض خلق الانسان.
أيهما أصعب اذن: الخلق من العدم، أم إقامة الجسد من التراب؟!
إنها القدرة غير المحدودة لالهنا الخالق، الذي يكفي أن يريد، فيكون كل ما يريد، حتي بدون أن يلفظ كلمة واحدة أو يصدر أمرا.
[/b][/b][/b]
القيامة هي إذن عقيدة للمؤمنين:
الذي يؤمن بالله وقدرته، يستطيع أن يؤمن بالقيامة.. فهي في جوهرها تعتمد علي إرادة الله، ومعرفته وقدرته.
فمن جهة الإرادة، هو يريد للإنسان أن يقوم من الموت، وأن يعود إلي الحياة. وقد وعد الإنسان بالقيامة والخلود. ومادام الله قد وعد، إذن لابد أنه سينفذ ما قد وعد به.
ومن جهة المعرفة والقدرة: فالله يعرف أين توجد عناصر هذه الأجساد التي تحللته، وأين توجد عظامها. ويعرف كيفية إعادة تشكيلها وتركيبها. كما يعرف أيضا أين توجد أرواح تلك الأجساد. ويسهل عليه أن يأمرها بالعودة إلي أجسادها، ويسهل عليها ذلك. وهو يقدر علي هذا كله. جّلٌ اسمه العظيم، وتعالت قدرته الالهية.
* * *
ان الذي ينكر امكانية القيامة، هو بالضرورة ينكر المعجزات جملة!! بالتالي ينكر الخلق من العدم، وينكر قدرة الله، وقد ينكر وجوده ايضا!!
يدخل في هذا الجهل، الملحدون، وأنصاف العلماء، وغير المؤمنين. أما المؤمنون الذين يؤمنون بالله، وبقدرته غير المحدودة، فإنهم يؤمنون بالمعجزات، ومنها القيامة.
* * *
ضرورة القيامة
كما أن القيامة ممكنة بالنسبة إلي قدرة الله، كذلك هي أيضا ضرورية بالنسبة إلي عدل الله وصلاحه ووجوده.
1 إنها لازمة من أجل العدل:
لازمة من أجل محاسبة كل انسان علي أفعاله التي عملها خلال حياته علي الأرض خيرا كانت أو شرا فيثاب علي الخير، ويعاقب علي الشر. ولو لم تكن قيامة، لتهافت الناس علي الحياة الدنيا، وعاشوا في ملاذها وفسادها، غير عائبين بما يحدث فيما بعد! وأيضا إن لم تكن قيامة، لساد الظلم واستبد القوي بالضعيف، دون خوف من عقوبة أبدية، أما الايمان بالقيامة وما يعقبها من دينونة وجزاء، فإنه رادع للناس. إذ يشعرون أن العدل لابد سيأخذ مجراه، وان لم يكن في هذا العالم، ففي العالم الآخر.
* * *
2 والقيامة لازمة أيضا لأجل التوازن:
ففي الأرض لا يوجد توازن بين البشر. ففيها الغني والفقير، السعيد والبائس، المنٌعم والمعذب.. فإن لم يكن هناك مساواة علي الأرض. فمن اللائق أن يوجد توازن في السماء. ومن لم ينل حقه علي الأرض، يمكنه أن يناله بعد ذلك في السماء. ويعوٌضه الرب عما فاته في هذه الدنيا، إن كانت أعماله مرضية للٌه.
* * *
3 إن الله وعد الانسان بالحياة الأبدية. ووعده هو للإنسان كله، وليس للروح فقط التي هي جزء من الانسان..
فلو أن الروح فقط أجتيح لها الخلود، والنعيم الأبدي، اذن لا يمكن ان نقول إن الانسان كله قد تنعم بالحياة الدائمة، بينما قد حجرم الجسد من ذلك! فبالضرورة إذن ينبغي أن يقوم الجسد من الموت، وتتحد به الروح. ويكون الجزاء الأبدي للإنسان كله.
* * *
4 والقيامة ضرورة لأنه لولاها لكان مصيرالجسد البشري كمصير أجساد الحيوانات!
ما هي اذن الميزة التي لهذا الكائن البشري العاقل الناطق، الذي وهبه الله موهبة التفكير والاختراع والعلم، والقدرة علي صنع مركبات الفضاء التي توصله إلي القمر، وتدور به حول الأرض وترجعه اليها سالما..! هذا الانسان الذي قام بمخترعات أخري مذهلة كالكومبيوتر والفاكس وال mobile phone هل يجعقل ان هذا الانسان العجيب الذي سلٌطه الله علي نواح عديدة من الطبيعة، يؤول جسده إلي مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام؟! ان العقل لا يمكن أن يصدق هذا اذن لابد من القيامة.
* * *
5 إن قيامة الجسد تتمشي عقليا مع كرامة الانسان.
الانسان الذي يتميز علي جميع المخلوقات الأخري ذوات الأجساد، والذي يستطيع بما وهبه الله ان يسيطر عليها جميعا، وأن يقوم لها بواجب الرعاية والاهتمام إذا أراد، أو أن يقوم عليها بحق السيطرة والاستخدام.. أليست كرامة جسد هذا المخلوق العاقل لابد أن تتميز عن مصير باقي أجساد الكائنات غير العاقلة وغير الناطقة التي هي تحت سلطانه..؟!
* * *
6 والقيامة ايضا لازمة لتقدم لنا الحياة المثالية التي فقدناها هنا:
تقدم لنا صورة الحياة الجميلة الرائعة في العالم الآخر، حيث لا حزن ولا بكاء، ولا فساد ولا ظلم، ولا عيب ولا نقص. بل هي حياة النعيم الأبدي والانسان المثالي الذي بلا خطية.. بالاضافة إلي العشرة الطيبة مع الله وملائكته وقديسيه..
ما أجمل هذه الحياة التي في العالم الآخر، التي لم ترها عين، ولم تسمع بها اذن، ولم تخطر علي قلب بشر.
القيامة هي عيد.. فتهانئي للجميع بعيد القيامة. "
--