ولدت فى أسرة تشتهى الخبز الجاف !! عددنا سبعة بنات وولد واحدأنا .
أذكر يوم ظل فيه أخوتى يبكون من الجوع ، والبرد القاسى يأكل أجسادهم .و نظرات أمى حزينة كنت أجلس فى طرف الغرفة المظلم وكلى مشاعر حقد على المجتمع وعلى الجميع .لماذا يتركوننا هكذا نهلك جوعا
قالت أمى" ربنا يفرجها ، ده ربنا كبير "كدت أنفجر " أين هو ربنا قلتى أنه يرى كل شىء .اذن لماذا يرانا نبكى ويقف صامتاً "
من ذلك اليوم قررت أنه ليس اله. الكون سيكون لى وحدى والجميع عبيد
وبدأت معركتى مع الحياة كنت أعمل بكل ما أتيت من قوة ، ليزداد أجرى. لم يكن لى يوماً صديق فلا يوجد أنسان سيشعر بى وبما عانيته ولا حتى اله . بدأت أتاجر فى محل صغير للآدوات الكهربائيه وكبر المحل وجعلت أبى يتوقف عن العمل وظهرت الآبتسامة على وجه أمى وظهرت أخواتى كالآميرات فى ملابسهن الجديدة .
كان المال سندى الوحيد . أتسع العمل أكثر وشهد الجميع لى ولذكائى ولمهاراتى وتقدم الكثير طالبين ودى سواء فى العمل أو طلب الزواج من أخواتى السبعة ورفضت الجميع . فلا يوجد أحد يستحق الآنتفاع من أعمالى ولا الآقتران بأحد أخواتى والآهم هو أنه يجب أن أكون أنا صاحب القرار فى كل شىء
فقد أخترت من سيعملون معى وحتى أخواتى أخترت لهم مجموعة من عمالى أزواج لآجعل أخواتى هن أصحاب القرار فى البيت وعاشت أخواتى أميرات فى بيوتهن وأزواجهن عبيد لهن
وجاء دورى لاتزوج و أخترت " انجيلا " أبنة أحد التجار الكبار الذين اتعامل معهم .رايتها فى بيت ابيها مرة او اثنين و لاحظت هدؤها وجمالها الذى يشهد به الجميع
ثلاثة عشرة عاماً من الزواج لا تعرف عنى سوى ما اردت ان تعرفه عنى . عاملتها كالعبدة كم من مرة أهنتها لآتفه الاسباب وكم من مرة ضربتها بقسوة ،وفى كل مرة كنت اضربها كنت اتوقع ان تثور فى وجهى وتتشاجر معى وتغضب وتترك البيت وتذهب لآبيها شاكية ولكن شيئاً من هذا لم يحدث
كانت تنظر الى نظرة غريبة ممتزجة بمشاعر ما لا اعرفها ،عجيبة حقاً تلك المرأة .
كثيراً ما جلست افكر كيف تفكر تلك الانسانة حتى تحتمل كل تلك الاهانة منى ولا تحاول الرد ؟ولم اعثر على رد، ولكنى وصلت الى شىء واحد" هذه الانسانة مختلفة "
ودارت الايام وفكرت لماذا لا يكون لدى اطفال ولاول مرة لايتم امر كما اريد وحينما تسألت لماذا ؟؟؟ عرفت الاجابة " حضرتك لاتستطيع الانجاب ولكن مازال هناك امل فى الله
" الله ثانية .. واى امل ذلك الذى اعقده عليه ..لقد انتظرناه طويلاً ولم يجيب .. وكما احضرت المال بيدى سوف اجد طريقه احضر بها اطفال ايضاً .
سافرت كثيراً ودفعت الكثير المهم ان اكسب التحدى ووسط كل هذا وجدتها كعادتها هادئة صامتة . كثيراً ما اراها واقفة مغمضة العينين غارقة فى ابتهالات او صلوات لم اكن اهتم وان كنت الاحظ فى بعض الاحيان سقوط بعض الدموع من عينيها .
ولآول مرة فى حياتى اشعر انى بحاجة الى احد بجوارى يقول لى" لاتقلق ستنجح " وطال البحث لدرجة انى شعرت بانى هزمت فى هذه الجولة وهنا رفعت راسى وقلت " ها انت تكسب هذه الجولة ولكن لا تنسى لقد فزت من قبل ونحن الان متعادلون " وقررت ان انهى هذا الامر" لايهم موضوع الاطفال هناك مئات الطرق التى تجعلنى سعيداً ولن اشعر بأى ملل "
قلت" انجيلا حضرى نفسك سنسهر الليلة معاً " !!!! صعقت من المفاجأة ، ووجدت فى هذا متعة ،لذلك كنت من وقت لآخر احضرلها هدية قيمة او اصطحبها الى مكان جديد لم تطأه بقدمهيا من قبل ، اخبركم بشىء كنت اشعر بسعادة غامرة وانا ارها تبتسم فأبتساماتها رائعة حقاً .
وفى يوم وجدتها تقول لى" لدى مفاجأة لك ، هيا بنا " خرجت معها وذهبنا الى ملجأ ايتام قريب من بيتنا وبمجرد دخولنا رأيت مايعجز لسانى عن وصفه لقد انطلق الاطفال من مختلف الاعمار الى زوجتى مقبلين ومصافحين ومبتسمين" وحشتينا يا ماما ..جبتلنا ايه معاكى .. " وفى ثوان معدودة وجدت كل من فى هذا المكان محيطين بنا فى شكل دائرة
ووجدت زوجتى تقول للجميع" اقدم لكم عمو .... زوجى الذى كان يرسل لكم الهدايا وانا عارفة انكم كنتوا عاوزين تشفوه علشان كده انا خليته يجى معايا النهار ده "
وهنا حدث المفاجأة الكبرى لقد وجدت التصفيق الحاد ورايت الجميع يتركون زوجتى واتجهوا نحوى وكلمات الشكر بلا توقف " متشكرين جداً يا عمو ... احنا بنحبك اوى يا عمو ..كنا مستنينك من زمان ياعمو ..... انت طيب قوى يا عمو وقلبك كبير ... !!!
اهتزت الارض تحت اقدامى وتاهت ملامح الوجوه الملتفة حولى وتداخلت الاصوات ولم ادرى بنفسى الا وانا سائر فى الشارع ممسكاً بيد انجيلا ناظراً الى سحابة صغيرة تظهر بين اسطح بعض الابنية فى نهاية شارع طويل نسير فيه وشىء كالقشور يتساقط من عينى سائلاً زوجتى بصوت منخفض " كلمينى عن ربنا وعنك "
منقووول