تلت رشقات من الرصاص رمي القناصين من السقوف القريبة المحيطة بالكنيسة، ثم حل صمت مرعب دام خمس دقائق ثم عاد اطلاق النار
بغداد- ملاذ الامين : ساد مشهد الدمار باحات واروقة كنيسة سيدة النجاة بعد مجزرة ارتكبها ارهابيون مساء امس الاول ، ضد مواطنين عزل كانوا يؤدون طقوسهم وصلواتهم الدينية يناشدون من خلالها ان يعم الامن والسلام ربوع البلاد .
فبعد ان نجا عزيز ججو 45 عاما من حادث انفجار طائرة نهاية ثمانينيات القرن الماضي ، لقي مصرعه مع عشرات المصلين في كنيسة سيدة النجاة امس الاول الاحد.
يقول احد اقاربه الذي رفض ذكر اسمه خلال القداس الذي اجرته امس الجمعية الخيرية الكلدانية التابعة الى كنيسة مار يوسف له بمعية 20 متوفيا اخرين ممن لقوا مصرعهم في حادثة رهائن «سيدة النجاة» ان ججو كان ملتزما بحضور القداس مساء كل احد في كنيسة سيدة النجاة التي تقع بالقرب من داره في منطقة الكرادة.
واوضح ان ججو «اب لثلاث بنات» توفي متاثرا بجراحه جراء اصابته في مناطق متعددة من جسمه نتيجة تعرضه لانفجار بالقرب منه داخل الكنيسة .
وتفرض القوات الامنية حتى ساعات اعداد التقرير طوقا امنيا مشددا على» كنيسة سيدة النجاة» التي تعرضت مساء امس الاول الى عملية ارهابية تمثلت باحتجاز اكثر من 130 من المصلين داخلها اذ تقوم سيارات الاطفاء بتنظيف بقايا الدماء المتناثرة على الجدران والبلاط والاثاث ،فيما شهدت الكنيسة زيارة قادة امنيين ومحافظ بغداد وممثلي الاوقاف خصوصا ديوان الوقف المسيحي .
القوات الذهبية وحسب تصريح مصدر مسؤول في جهاز مكافحة الارهاب لـ»الصباح» ان القوات الذهبية في الجهاز هي التي نفذت عملية اقتحام الكنيسة وانقاذ الرهائن بعد ان فجر ثلاثة ارهابيين انفسهم داخل الكنيسة، وقتل اثنين اخرين من قبل قناصي القوات الذهبية فيما تم القاء القبض على خمسة اخرين بينهم عدد من جنسيات عربية ،موضحا ان عملية الاقتحام وتحرير الرهائن لم تستغرق سوى عشر دقائق فيما استغرقت عملية التخطيط لعملية الاقتحام ساعتين .
واكد المصدر ان عملية الاقتحام وتحرير الرهائن كانت عملية عراقية خالصة نافيا اي مشاركة او اسناد من القوات الاميركية ، واوضح ان قوات عمليات بغداد في المنطقة كانت في وضع ترقب واسناد للقوات الذهبية .
وبين ان 50 منتسبا من القوات الذهبية وباشراف رئيس جهاز مكافحة الارهاب شاركوا في عملية انزال جوي فوق سطح الكنيسة وقلعوا نوافذها للدخول اليها في نفس الوقت الذي فجر ثلاثة ارهابيين احزمتهم الناسفة التي كانوا يرتدونها بين الرهائن ما اسفر عن سقوط 28 ضحية من الرهائن ،فيما عادت القوة المنفذة الى قواعدها دون خسائر بعد تحرير الرهائن والقبض على باقي الارهابيين الاحياء وعددهم 5 ارهابيين بينهم من جنسيات عربية.
قصة الاقتحام من ناحيتهم ذكر شهود عيان يسكنون قرب الكنيسة ان سيارة جيب شيروكي رباعية الدفع دخلت الشارع المؤدي لكنيسة سيدة النجاة تقل 4 رجال يرتدون بزات عسكرية وتوقفت قرب الباب الخلفي للكنيسة ، اذ انزل الرجال حقائب يعتقد انها كانت تحتوي على اسلحة ومتفجرات ،وبعد ترجلهم انفجرت سيارتهم ما ادى الى انشغال حراس الكنيسة بالتفجير وارتباكهم الامر الذي سهل عملية الاقتحام بعد قتل الحارسين الواقفين امام الكنيسة.
واشار الشهود الى ان باب الكنيسة الداخلي كان مشرعا اذ تقام في كل احد صلاة «قداس» يشارك فيه اكثر من مئة مسيحي كلداني من كلا الجنسين ومن اعمار مختلفة ، وعند دخول الارهابيين الاربعة الكنيسة دخل معهم ستة اخرون ثم اغلقت البوابة واكدوا «سمعنا بعدها اكثر من 10 انفجارات برمانات يدوية واصوات اطلاقات نارية» .
ويكمل شاهد اخر نجا من عملية الاختطاف قائلا» ان الاب ثائرسعد الله استوقف المهاجمين وطلب منهم التسامح وترك اماكن العبادة الا ان الارهابيين قتلوه بطلقات مسدس كان بيد احد المهاجمين فيما وجهت الرصاصات الى الاب وسيم صبيح الذي توفي في الحال الى جانب والدة واخ الاب ثائر» ،موضحا ان الارهابيين اعلنوا عن انفسهم وقالوا بلغة عربية فصيحة ان جميع من في الكنيسة هم رهائن لحين استجابة الحكومة العراقية والمصرية واطلاق سراح زملائهم من القاعدة المعتقلين في العراق ومصر.
شاهدة اخرى طالبت بعدم ذكر اسمها انها نجت باعجوبة عندما سقط احد المغدورين عليها وغطاها بدمائه التي نزفت من جسمه بعد تفجير احد الارهابيين الحزام الناسف الذي يرتديه، لافتة الى انها فقدت الوعي مدة قليلة وعندما افاقت وجدت القوات العراقية يرفعون جثة المغدورمن فوقها.
احد الناجين وعمره 49 عاما وصف حالة الذعر التي عاشها مع الرهائن طيلة الساعات الاربع منذ اعلان عملية الاحتجاز ولغاية قدوم القوات الامنية،وقال ان الارهابيين وصفونا باقذر الصفات وقالوا ان قتلاهم مصيرهم الجنة فيما يتوجه قتلى المسيحيين الى النار ،مبينا ان الدقائق الاكثر حرجا كانت في وقت دخول القوات الامنية العراقية اذ تم فتح النار على المحتجزين ولم نعلم اين نختبئ واين نتجه وقد سقط العديد من القتلى جراء التزاحم للخروج من الباب الرئيس .
ناج اخر مصاب باطلاقات في ساقه التقيناه في مستشفى الكندي اكد ان احد الارهابيين اطلق النار عشوائيا حيث سقط العديد من الرهائن بين قتلى وجرحى الا انه اصيب بساقه التي تمكنت من حمله الى قرب الباب وسقط جراء تدافع المحتجزين للهروب حين قدوم القوات الامنية العراقية .
من جانبه طالب احد افراد قوة الحماية المكلفة بالاوقاف المسيحية بزيادة عدد وعدة القوة ،مبينا ان المنطقة التي تتواجد فيها كنيسة سيدة النجاة تضم بالاضافة للكنيسة ،المطرانية الكلدانية والمركز الثقافي ويتناوب على حمايتها 9 افراد ما يجعلها هدفا سهلا امام الارهابيين والمجرمين ،داعيا قيادة عمليات بغداد وشرطة الرصافة لزيادة عدد القوة المكلفة بالحماية وتجهيزها بمستلزمات الدفاع واجهزة الاتصال.
واستغربت السيدة خلود جورج زيا من استهداف المسيحيين في العراق وقالت ان المسيحيين مسالمون ويرتبطون بعلاقات وثيقة مع جميع مكونات الشعب العراقي ،لافتة الى ان الاب المرحوم ثائر سعد الله كان مثالا يحتذى به في التعامل الانساني وانه كان يرعى المساكين ويقدم المساعدات لهم ويعتني بهم .
وبينت زيا ان القوى التي تريد للمسيحيين الهجرة ستفشل لان المسيحيين متمسكون بوطنهم رغم ما يلاقونه من صعوبات خلال الوقت الراهن. على صعيد اخر نقلت وكالة ايبا عن مصدر في الشرطة قوله ان العدد النهائي لضحايا اقتحام المسلحين لكنيسة سيدة النجاة في الكرادة بلغ 45 قتيلا و75 جريحا ،من بينهم ثمانية ارهابيين اضافة الى عدد من منتسبي القوة العراقية التي قامت بتحرير الرهائن.واضاف المصدر ان اغلب المسلحين فجروا انفسهم داخل الكنيسة عند قدوم القوات العراقية ،فيما قتل باقي المسلحين اثناء المواجهة مع القوات العراقية. وكان مصدر امني اعلن امس ان 37 شخصا قتلوا بينهم خمسة مسلحين وسبعة من افراد القوات الامنية و56 جرحوا بينهم 15 من افراد القوات الامنية في حادث اقتحام مسلحين كنيسة سيدة النجاة امس الاول الاحد.من جهتها اعلنت دولة العراق الاسلامية ذراع تنظيم القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم .ونقلت وكالة رويترز « ان دولة العراق الاسلامية اعلنت في بيان لها نشر على مواقع اسلامية متشددة ان الهجوم كان عملا ضد الكنيسة القبطية في مصر .وانه كان «على وكر نجس من اوكار الشرك التي طالما اتخذها نصارى العراق مقرا لحرب دين الاسلام!!».واضاف البيان ان العملية نفذت» لنصرة اخواتنا المسلمات المستضعفات الاسيرات في ارض مصر المسلمة».
قصة اخرىوووصف ناجون من المجزرة للغارديان عملية هروبهم بقولهم ان الشروع بالهجوم ابتدأ بسيارة مفخخة خارج الكنيسة الساعة 5:30 مساء. واضاف هؤلاء ان اثنين من القساوسة كانا في تلك اللحظة على وشك بدء الموعظة الدينية، لكن نصف الحاضرين البالغ عددهم 120 شخصا، لجأوا الى غرفة صغيرة تقع في ظهر البناية لحمايتهم.
ويقول رجل يدعى بسام "بعد فترة فتح أحد الإرهابيين الباب ورمى قنبلة، وكانت هناك إصابات. وقُتِلَ اشخاص وجُرِح آخرون". ويضيف "وقبل الخروج نحو طريق خارج الكنيسة، رحتُ اصرخ: اين ابانا؟ اين ابانا؟ في اشارة الى الكاهن".
وتضيف انه "في الساعات الأربع التالية، انكمش التجمع المفزوع داخل الغرفة واغلقت شوارع الكرادة وساد الظلام الا من المصابيح الكاشفة للحوامات التي انارت السماء السوداء القاتمة. وعندما حاصرت القوات العراقية الكنيسة فجر المقاتلون عدة قنابل كبيرة".
وفي الساعة 8:30 مساء، حسب الصحيفة، وصلت دورية من ثلاث عربات اميركية لمكان الحدث، وانضم ثمانية جنود اميركيين إلى وحدات مكافحة الإرهاب العراقية خارج الكنيسةَ.
وتنقل الصحيفة عن ضابط عراقي كبير في المكان قوله "لن يستلزم الامر مدة طويلة، وسينتهي كل شيء بنصف ساعة".
وتقول ان الهجوم بدأ باطلاق نار كثيف، تلاه دوي ثلاث انفجارات قوية. وقال المسؤولون الامنيون الحاضرون انها لأحزمة ناسفة يرتديها المهاجمون بسبب تقدم القوات.
وتضيف "تلت رشقات من الرصاص رمي القناصين من السقوف القريبة المحيطة بالكنيسة، ثم حل صمت مرعب دام خمس دقائق ثم عاد اطلاق النار، قبل ان يصرخ جندي بشكل مهتاج طالبا سيارة اسعاف، وكانت هناك قافلة من سيارات الاسعاف تنتظر في مكان قريب".
وتروي الصحيفة انه "في الدقائق الأربعين اللاحقة تعالت اصوات سيارات الإسعاف التي تنقل الموتى والمصابين. وشق الجرحى الباقون ومن لم تلحق بهم اصابات طريقهم عبر الفوضى التي سادت، وكَان بينهم سيدتان مسنتان في ملابس يوم الاحد التي تلطخت بالدم. وكان هناك اطفال منعهم رعبهم من المسير وسيدتان مسنتان مصدومتان تبحثان دون جدوى عن كاهنهم