أنا لا أعرف كيف أقدم لك شيئا تعبيراً عن حبي
فتح عينيه على الحياة ، فوجد والده يعمل بهلوانا حتى إنهم كانوا يستدعونه في بعض الحفلات التي يحضرها الإمبراطور ليضحك الشعب و الحاشية بحركاته العجيبة
ورث ' حنا ' عن والده هذه الصنعة ، حتى صار مشهورا مثله ..
ولكن في كل مرة كان يرى المسيحيين يتقدمون للاستشهاد ، كان يشعر برغبة شديدة ليتعلم مبادئ الدين المسيحي ، الذي لا يعلم عنه سوى القليل .
بدأ يذهب للكنيسة وأحب المسيح وسمع قصص الأباء الرهبان
فذهب إلى رئيس الدير يطلب منه أن يقبله راهبا عنده لأنه قد أحب المسيح حبا شديدا ، فسأله عن الصلاة و الصوم والقداس و التسبحة و .. فأجابه : يا أبي، إني لا أعرف شيئا في حياتي سوى الألعاب البهلوانية ، و لكني مستعد أن أعمل إي شئ تطلبه مني . علمني و أنا سأكون تلميذا مطيعا .
أحس رئيس الدير بمحبته و طاعته ، فقبله راهبا تحت الاختبار . و في يوم طرق بعض الرهبان باب رئيس الدير وهم غاضبون .. ما هذا يا أبانا ، هل نحن هنا في سيرك ؟ إننا تركنا العالم لنتفرغ للصلاة فهل يأتي هذا الراهب البهلوان ليفسد علينا وحدتنا . فقال لهم رئيس الدير : ماذا حدث يا أخوتي ؟ فقالوا له تعال وانظر يا أبانا ، إن الراهب البهلوان يمارس الألعاب البهلوانية في الدير .
فتعجب الأب في داخله و صرفهم و وعدهم أن يتصرف في الأمر
صلى رئيس الدير كما تعود و طلب من الله أن يرشده في التصرف ، هل يطرده ؟ أم كيف يتصرف معه ؟
و في خطوات هادئة ، ذهب نحو قلاية الراهب البهلوان ، و إذا به يجد الراهب يقفز ويتشقلب و ينط و يفط و يعمل ما كان يعمله في السيرك . غضب أبونا واقترب أكثر ، فوجده أمام صورة العذراء يحدثها قائلا : يا أمي العذراء ، كل سنة وأنت
طيبة ، أنا لا أعرف كيف أقدم لك شيئا تعبير عن حبي لك في ليلة عيدك . فأنا لم أتعلم سوى شيئا واحدا عن والدي ، فسأقدمه لك . و لكني أعدك أن أحاول أتعلم التماجيد مثل سائر آبائي الرهبان ،
فهل تقبلي مني هذه اللعبة البهلوانية ؟
و لشدة دهشة رئيس الدير ، فقد رأى صورة العذراء التي أمامه تبتسم و تمد يدها الطاهرة لتمسح له عرقه وهو يؤدي تلك الألعاب البهلوانية المعقدة ..
بكى رئيس الدير و ذهب متعجبا في نفسه،
فإن الله يقبل من كل إنسان ما يعبر به عن حبه إذا كان صادقا