رامي سمير مراقب عام المنتدي
ما هي ديانتك : انا مسيحي
الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 1528 نقاط : 8246 تاريخ التسجيل : 16/02/2010 العمر : 49 الموقع : القاهره العمل/الترفيه : في مجال الديكور
بشكر ربنا جداااااااااااااااااااااااااا
| موضوع: تفسير الاصحاح الرابع عشر من سفر الخروج الأحد مايو 30, 2010 11:19 pm | |
| عبور البحر الأحمر يتحدث هذا الاصحاح عن: 1. النزول إلى فم الحيروث [1-2]. 2. ندم فرعون على إطلاقهم [3-9]. 3. تذمر الشعب [10-14]. 4. صرخة موسى الصامتة [15]. 5. عبور البحر الأحمر [16-31]. 1. النزول إلى فم الحيروث: بأمر إلهي رجع بنو إسرائيل ونزلوا أمام فم الحيروث، وهي بين مجدل والبحر، أمام بعل صفون [2]. يرى العلامة أوريجانوس أن "فم الحيروث" تعني "الصعود القاسي أو الصعود القفر"، "ومجدل" تعني "برج"، "وبعل صفون" تعني "الصعود بخفة أو بسرعة". قبل أن يعبروا البحر الأحمر ليعيشوا أربعين عامًا في البرية حتى يدخلوا أرض الوعد، ألزمهم الرب أن يقفوا أمام فم الحيروث، أي أمام الصعود القاسي، كأنه يعلن لهم مقدمًا أن طريق الخلاص هو صعود مستمر خلال الطريق الكرب والباب الضيق. فالمؤمن لا يعرف التراخي بل الجهاد المستمر خلال شركته مع الله. أما موقع فم الحيروث فهو بين مجدل وبين بعل صفون، أي بين البرج والصعود السريع، بمعنى أن المؤمن يلتزم أن يُحسب نفقة بناء البرج حتى لا يبدأ ولا يقدر أن يكل فيهزأ المارة به، وإذ عرف حساباته التزم ألاَّ يتباطأ في الطريق بل يصعد بسرعة نحو الحياة السماوية، أما كونها أمام البحر فهذا إعلان عن دخولنا في التجارب (البحر) والضيقات طوال طريق جهادنا، حتى نعبر إلى الأرض الجديدة والسماء الجديدة حيث لا يكون للبحر موضع (رؤ 21). هذا ما يراه العلامة أوريجانوس الذي يقول: [قد تظن إن طريق الله مستوىٍ وسهل، لا يحتاج إلى مجهود أو تعب، كلا! إنه صعود، وصعود صعب. فطريق الفضائل لا ينحدر إلى أسفل بل يصعد، هو صعود ضيق وكرب. اسمعوا ما يقوله الرب في الإنجيل: "ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة؟!" (مت 7: 14). يا للتوافق بين الإنجيل والناموس! فالناموس يُظهر أن طريق الحياة صعود كرب، والإنجيل يُعلن عن ضيقه، والرب نفسه هو الطريق المؤدى إلى الحياة... إذن فالطريق الذي ينبغي علينا أن نسيره هر طريق صاعد وضيق، يتطلب السهر والإيمان. فالإيمان والأعمال يتطلبان مشقات ومجهودات ضخمة، والذين يريدون السير حسب الله يواجهون تجارب وضيقات عديدة... في هذا الطريق نجد برجًا... هذا الذي قال عنه الرب في الإنجيل: "من منكم وهو يريد أن يبني برجًا لا يجلس أولاً ويحسب النفقة، هل عنده ما يلزم لكماله؟!" (لو 14: 28). هذا البرج هو الأساس القوي الذي تقوم عليه الفضيلة مرتفعة... وفي خروجك أيضًا... تأتي إلى البحر حيث تلتق بالأمواج، إذ لا يوجد طريق للحياة بغير أمواج التجارب، كقول الرسول "جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهَدون" (2 تي 3: 12). وكما يقول أيوب أيضًا: "أليس جهاد للإنسان على الأرض كأيام الأجير أيامه؟" (7: 1). هذا هو معنى الوصول إلى البحر[180]. 2. ندم فرعون على إطلاقهم: أ. أوضح الرب سرّ إنزالهم إلى فم الحيروث قائلاً: "أُشدد قلب فرعون حتى يسعى وراءهم" [4]. لقد سمح لهم بالدخول في الضيقة حتى يتمجد الرب فيهم، وأيضًا كما يقول: "ويعرف المصريون إني أنا الرب" [4]. كيف شدد الرب قلب فرعون؟" أسلمه الله إلى شهوات قلبه" (رو 1: 24)، تركه لقساوة قلبه، فثار على الشعب وتشدد قلبه. وكما يقول القديس أغسطينوس: [إن كان الله قد تركه لقساوة قلبه فإننا لا نستطيع أن نتجاهل حرية إرادة فرعون في صنع الشر]. ب. سعى فرعون ومعه ستة مائة مركبة. قلنا أن رقم 6 يُشير إلى كمال العمل البشري، والمائة تُشير إلى كمال عدد الجماعة. كأنه خرج بكل طاقاته البشرية وبكل رجاله، لكنهم لم يحملوا الطبيعة السماوية (رقم 1000) لذلك فشل وهلك. 3. تذمر الشعب: أ. اشتهى الشعب في أول ضيقة تصادفه بعد الرحيل، أن يعود إلى حياة العبودية عوضًا عن حياة الحرية ومعها الجهاد، مع أنه "من الأفضل لنا أن نموت ونحن في الطريق نبحث عن حياة الكمال عن أن نمتنع عن البحث عنها"[181]. ب. طلب موسى من الشعب أن يقفوا وينظروا خلاص الرب الذي يصنعه لهم... قائلاً لهم: "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون" [14]. إنه لا يدفعهم للحرب مع فرعون كما فعل معهم في حربهم مع عماليق وغيرهم فيما بعد، لأنهم لم يختبروا بعد المن السماوي ولا الشراب الروحي، خروجوا من مصر بلا خبز للجهاد... هكذا لا يطالب الإنسان بالجهاد إلاَّ بالقدر الذي يناسب إمكانياته وقدراته! 4. صرخة موسى الصامتة: يقول الرب لموسى: "مالك تصرخ إليّ" [15]، مع أن موسى لم يصرخ له علانية أمام الشعب، بل كان يحدث الشعب المتذمر في مرارة قلب يبعث فيهم روح الرجاء في الخلاص قائلاً: "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون". بلا شك صرخ موسى في قلبه صرخة مرارة هزت السماء، سمعها الله وحده دون الشعب، وجاءت الاستجابة سريعة... وقد اهتز كثير من الآباء لهذه الصرخة الصامتة فسجلوا تعليقات قوية إيمانية، نذكر منها: قال العلامة أوريجانوس: [إن الله يسمع صرخات القديسين الصامتة بالروح القدس[182]]، وفي موضع آخر يعلق على هذه العبارة هكذا: [قال الله لموسى: "لماذا تصرخ إليَّ؟ بينما لم يصرخ موسى بصوت مسموع قط، ولا سجل سفر الخروج أنه فعل هذا، لكن موسى صرخ صرخة قوية، قدمها كصلاة يسمعها الله وحده! لهذا يقول أيضًا داود: "بصوتيّ إلى الرب صرخت، فاستجاب ليّ" (مز 77: 7) [183]]. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [تستطيع أن تضبط أفكارك وتسبح الله دون أن يسمعك آخر، حتى وإن كنت في السوق، فقد صلى موسى هكذا وسمع له، إذ قال الرب: "لماذا تصرخ إليّ"، مع أنه لم ينطق بشيء، وإنما صرخ في فكره بقلب منسحق حيث سمعه الله وحده، فليس ثمة ما يمنع من أن يصلي الإنسان وهو يسير في الطريق فيسكن الأعالي[184]]. كما يقول: [حنة أيضًا لم يُسمع صوتها، نالت كل اشتياقها قدر ما صرخ قلبها (1 صم 1: 13). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هابيل أيضًا لم يصلِ فقط بصمت، وإنما صلى عندما مات، إذ أصدر دمه صرخة أقوى من صوت البرق (تك 4: 10)... أيضًا "من الأعماق صرخت إليك يا رب"، من الأعماق أي من القلب يصدر الصوت وتكون صلاتك سرًا[185]]. ويقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [الفكر الذي ارتفع من موسى نحو الله دُعي صرخة، ولو أنها تمت في فكر القلب الداخلي دون صوت![186]]. 5. عبور البحر الأحمر: سلك الشعب بالإيمان إذ رأوا البحر أمامهم فانفتح لهم طريق ونجوا، أما الأعداء فرأوا الطريق بالعيان فساروا فيه، فغرقوا وهلكوا. ويلاحظ في هذا العبور الآتي: أولاً: عبور البحر الأحمر هو رمز المعمودية، حيث ينعم المؤمن بالخلاص خلال الدفن مع المسيح المتألم والتمتع بقوة قيامته، ويهيج إبليس وجنوده وتباد أعماله الشريرة. وكما يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [إلى الآن حينما يدخل الشعب مياه التجديد، هاربين من مصر (رمزيًّا محبة العالم)، أي من ثقل الخطية، يتحرر ويخلص، أما إبليس وخدامه، أقصد بلا شك الأرواح الشريرة - فإنهم يُصدمون بالحزن ويهلكون، حاسبين خلاص البشرية شرًا بالنسبة لهم[187]]. يقول القديس أغسطينوس: [تحرر شعب الله من مصر (رمزيًا محبة العالم) بعظمتها واتساعها واُقتيد إلى البحر الأحمر، لكي تكون فيها نهاية أعدائهم (الشياطين) في المعمودية. لأنه بهذا السر- كما في البحر الأحمر - يتقدسون بدم المسيح بينما تهلك الخطايا المقتفية آثارهم...[188]]. ويقول القديس جيروم: [إذ ندم فرعون وجنوده أنهم أطلقوا شعب الله من مصر غرقوا في البحر الأحمر، فصار ذلك رمزًا لعمادنا. وقد وصف سفر المزامير هلاكهم قائلاً: "أنت شققت البحر بقوتك. كسرت رؤوس التنانين في المياه. أنت رضضت رؤوس لوياثان" (مز 74: 13-14). لهذا تسكن الحيات والعقارب الأماكن الجافة (تث 8: 15)، أما إذا اقتربت إلى المياه فإنها تصير في حالة هياج أو جنون[189]]. ويرى القديس اغريغوريوس أسقف نيصص أن غرق فرعون وقواده ومركباته وكل إمكانياته الحربية إنما يُشير إلى موت الشر بكل طاقاته من طمع وشهوة وأفكار شريرة وغضب وحقد وحسد... الخ في مياه المعمودية السرية[190]. ويرى أنه كما التزم الشعب في سرّ الفصح بأكل الفطير غير المختمر حتى لا يخلطوا دقيق المحصول الجديد بخميرة من المحصول القديم. هكذا يليق بنا بعد عبورنا مياه المعمودية ألاَّ نترك لقوات فرعون أن تعيش في حياتنا، إنما تكون لنا الحياة الجديدة دون عودة لأعمال الإنسان القديم[191]. ثانيًا: يرى البابا أثناسيوس الفارق بين السيِّد المسيح الذي ينتهر البحر ويأمر الرياح فتطيعه بسلطانه الإلهي (مز 4: 37-41)، وبين انشقاق البحر الأحمر الذي تم على يد موسى لكن بأمر إلهي إذ يقول: [وإن كان البحر الأحمر قد انشق بواسطة موسى، لكن ليس موسى هو الذي فعل هذا، لأن ما قد حدث تم بناءً على أمر إلهي وليس بسبب كلام موسى[192]]. ثالثًا: ليتنا نتمثل بموسى النبي فنمسك بعصا الرب، أي صليبه المقدس، ونضرب بها أمواج الخطية الثائرة داخلنا فينفتح لنا طريق يهلك أعداءنا الروحيين. يرى العلامة أوريجانوس في هذه العصا أيضًا الناموس أو الوصية الإلهية إذ يقول: [إضرب الأمواج الهائجة بعصا موسى فينفتح لك طريق وسط أعدائك[193]]. رابعًا: أعلن هذا العمل حب الله للإنسان وعمله الخلاصي، إذ يقول العلامة أوريجانوس: [المياه تصير جبالاً! المياه الراجعة تصير سورًا!... ويظهر عمق البحر، وإذا هو رمال فقط! ليتك تدرك محبة الخالق، فإنك إن أطعت إرادته وحفظت ناموسه يسخر الأشياء لتعمل ضد طبيعتها لأجل خدمتك[194]]. تظهر محبة الله أيضًا في انتقال عمود السحاب من أمامهم إلى الوراء [19]، حتى يحجبهم عن أعين فرعون وجنوده ويكون حماية لهم. خامسًا: يرمز هذا الخلاص لعمل السيِّد المسيح من جوانب كثيرة منها[195]: أ. قسّى فرعون قلبه لكي يهلك الشعب فغرق هو وجنوده، وقسّى إبليس أيضًا قلبه فأراد أن يقتل السيِّد المسيح ويُبيد اسمه من كورة الأحياء، وإذا به هو يهلك مع جنوده. ب. رأى فرعون البحر منشقًا فاندفع وراء الشعب ليهلكه بدلاً من أن يخاف ويرتعب، ورأى إبليس الطبيعة ثائرة في لحظات الصليب ولم يبال بل اندفع ليكمل الصليب. ج. ضرب موسى البحر بالعصا فغرق فرعون، وضرب السيد المسيح إبليس بخشبة الصليب فأغرقه في الجحيم. د. بعد العبور اجتاز الشعب البرية، ونحن أيضًا إذ تمتعنا بعمل الصليب في المعمودية نجتاز برية هذا العالم مع قائدنا يسوع المسيح حتى نبلغ أورشليم السماوية. سادسًا: يعلق القديس غريغوريوس أسقف نيصص على العبارة: "فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى" [31] قائلاً: [من يعبر البحر ويرى المصريين (الملذات الأرضية) موتى داخله كما سبق فشرحت، لا يعود ينظر موسى وحده كحامل عصا الفضيلة، إنما يؤمن بالله ويكون مطيعًا لموسى [31]. نحن أيضًا نرى ذات الأمر يحدث مع الذين يعبرون المياه مكرسين حياتهم لله، وفي طاعة وخضوع للذين يخدمونه في الكهنوت (عب 13: 17)[196]]. | |
|