رامي سمير مراقب عام المنتدي
ما هي ديانتك : انا مسيحي
الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 1528 نقاط : 8245 تاريخ التسجيل : 16/02/2010 العمر : 49 الموقع : القاهره العمل/الترفيه : في مجال الديكور
بشكر ربنا جداااااااااااااااااااااااااا
| موضوع: تفسير الاصحاح السابع عشر من سفر الخروج الأحد مايو 30, 2010 11:24 pm | |
| تجربة الشراب 1. في رفيديم [1]. 2. تذمر الشعب [2-4]. 3. الصخرة المتفجِّرة ماءً [5-7]. 4. حرب مع عماليق [8-16]. 1. في رفيديم: يقول الكتاب: "ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين بحسب مراحلهم على موجب أمر الرب ونزلوا في رفيديم، ولم يكن ماءً للشرب" [1]. وبأكثر تفصيل يتحدث في سفر العدد (33: 12-15)، أنهم ارتحلوا من برية سين إلى دفقة ومن دفقة إلى ألوش ومنها إلى رفيديم. في سفر الخروج أراد أن يتحدث عن رفيديم مباشرة بعد برية سين لكي يربط بين تجربة الشراب (الصخرة المتفجِّرة) وتجربة الطعام (المنّ والسلوى). أما سفر العدد فتحدث بأكثر تفصيل حيث يرى العلامة أوريجانوس أن لهذه البلاد معنى خاص يمس رحلة المؤمن في انطلاقه من العبودية إلى حرية مجد أولاد الله. فكلمة دفقة[236] في رأيه تعني "صحة"[237]، وكأن النفس التي تدخل إلى إعلانات الله بحكمة وتمييز وتتنقى خلال التجربة (سين) تعبر إلى حالة السلام النفسي أو الصحة. أما كلمة ألوش ففي رأيه تعني "أعمال"، لهذا يقول: [لا تندهش من أن الأعمال تتبع الصحة، لأنه متى تمتعت النفس بالصحة كعطية من الرب تقوم بالأعمال بفرح وبغير ملل، فيقال لها: تأكلي تعب يديك، طوباكِ وخير لك (مز 128: 2)[238]]. وبعد الأعمال تنطلق إلى رفيديم[239] ، التي في رأيه تعني "التمييز السليم" أو "الحكم السليم"، حيث تحكم النفس روحيًا في كل شيء ولا يُحكم فيها من أحد (1 كو 2: 15). ويرى العلامة أوريجانوس أن الجماعة خرجت "بحسب مراحلهم" [1]، أي خرجت مقسمة إلى أربع مراحل بنظام وتدبير حسن، خرجت من سين حتى بلغت رفيديم، أي خرجت من التجربة بتدبير حسن حتى بلغت "التمييز الحسن" والحكم السليم؛ أو على حد تعبيره: [من يخرج من التجربة بتدبير حسن يظهر في يوم الدين سليمًا (ذا حكم سديد)، أو بصحة بغير جراحات التجربة، كما هو مكتوب في الرؤيا: من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله (رؤ 2: 7). من يدبر أموره بالحق (مز 162: 5) يبلغ الحكم السليم[240]]. 2. تذمر الشعب: وفي رفيديم أيضًا تذمر الشعب على موسى قائلين: "لماذا أصعدتنا من مصر لتُميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش" [3]. في هذه المرة صرخ موسى بقلبه كما بلسانه قائلاً: "ماذا أفعل بهذا الشعب؟ بعد قليل يرجمونني؟!" [4]. في البرية قد تثور فيك أفكار التذمر حينما تشتد بك الضيقة، لكن ليكن لك قلب موسى ولسانه، فتصرخ إلى الله الذي يُخرج من الصخرة ماءً! صرخ موسى لله مؤمنًا أن النعمة الإلهية تفوق كل إمكانيات الطبيعة، إذ يستطيع الله بطريقة أو بأخرى أن يروي ظمأ هذا الشعب. وقد صارت حياة موسى بما احتوته من أعمال إلهية خارقة تمثل عمل النعمة في الكنيسة، وكما يقول القديس أمبروسيوس: [للنعمة قوة أعظم مما للطبيعة. موسى يرفع عصاه فينشق البحر، يلمس الصخرة فتتفجر المياه، يلقي الخشبة في المياه المرّة فتصير حلوة... هذا هو عمل الروح القدس في الكنيسة الفائق للطبيعة[241]]. 3. الصخرة المتفجرة ماءً: أولاً: تُشير الصخرة إلى السيِّد المسيح كقول الرسول بولس: "وجميعهم أكلوا طعامًا واحدًا روحيًا، وجميعهم شربوا شرابًا واحدًا روحيًا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح" (1 كو 10: 3)، أما الماء المتفجر فهو الروح القدس الذي قدمه لنا السيِّد سرّ تعزيتنا وتقديسنا وشركتنا مع الآب في ابنه. وتتلخص رمزية الصخرة للسيِّد المسيح في الآتي: أ. تمتع الشعب بمياه الصخرة بعد عبورهم البحر الأحمر وقتل فرعون وأعوانه، وشربهم من مياه مارة وينابيع إيليم وتمتعهم بنخيلها... هكذا لن يتعرف أحد على سرّ المسيح ويرتوي بينابيع الروح القدس إلاَّ بعدما يعبر في مياه المعمودية، جاحدًا إبليس وكل أعماله الشريرة، متمتعًا بالناموس الذي صار حلوًا خلال الصليب، أي ليس خلال حرفه القاتل بل في روحه، ومؤمنًا بعمل التلاميذ (الاثنى عشر ينبوعًا) والرسل (السبعين نخلة)... وكما يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [من يترك المصريين (رمزيًا محبة العالم) خلفه كغرقى في المياه، ويذوق العذوبة خلال الخشبة، وينعم بعيون المياه الرسولية ويستظل بالنخيل يقدر أن يتقبل الله، لأن الصخرة هنا - كما يقول الرسول - هي المسيح، هذا الذي هو صلد لا يلين بالنسبة لغير المؤمنين، أما بالنسبة للذي يستخدم عصا الإيمان فيصير له ينبوعًا يروي عطشه، ويفيض فيمن يتقبلونه، إذ قال: "إليه نأتي أنا وأبي وعنده نصنع منزلاً" (يو 14: 23)[242]]. ب. روت الصخرة كل العطاشى، وكان ذلك رمزًا لينابيع العهد الجديد التي فجرها السيِّد المسيح، مناديًا العطاشى إلى البر أن يتقدموا ويشربوا من الماء الحي (يو 7: 37-40). والعجيب أن المرتل رأى في الصخرة رمزًا حيًا، لهذا نجده يقول: "من الصخرة كنت أُشبعك عسلاً" (مز 81: 16). يعلق على ذلك القديس أغسطينوس قائلاً: [جلب لهم في البرية من الصخرة ماءً لا عسلاً. والعسل هو الحكمة، التي تحتل المركز الأول في عذوبة أطعمة القلب!... كم من أناس يشبعون من هذا العسل فيصرخون قائلين: إنه حلو ليس شيء أفضل وأعذب منه يمكننا أن نفكر فيه أو نتحدث عنه![243]]. ج. ما كان للشعب أن يرتوي من هذا الينبوع ما لم يُضرب بالعصا، وهكذا ما كنا نعرف أن نرتوي من ينابيع محبة الله اللانهائية وننال الروح القدس فينا، ما لم يُضرب السيِّد المسيح محتملاً خلال العدل الإلهي ثمن خطايانا على الصليب. وكما ضُربت الصخرة علانية ومرة واحدة، هكذا عُلق السيِّد على الصليب أمام الشعب (لو 23: 48)، وقُدم مرة واحدة عن العالم كله (عب 7: 27)، حيث أفاض لنا دم وماء (يو 19: 34) كفارة وتطهيرًا لكل من يؤمن به. د. قال الرب لموسى: "مرّ قدام الشعب وخذ معك من شيوخ إسرائيل، وعصاك التي ضَربت بها النهر خذها في يدك واذهب. ها أنا أقف أمامك هناك. على الصخرة في حوريب..." [5-6]. دعوة الشيوخ لمرافقة موسى أثناء ضرب الصخرة وتفجير المياه إنما تحمل رمزًا أن الناموس (موسى) ليس وحده الذي شهد للصليب، ولكن أيضًا الآباء البطاركة وكل الأنبياء اشتركوا مع الناموس في الشهادة لعمل الفداء خلال الصليب. ثانيًا: يقول المرتل: "شق صخورًا في البرية وسقاهم كما من لجج عظيمة" (مز 78: 15). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هنا لم يقل "الصخرة" بل صخورًا، لعله يُشير إلى رمز آخر، هو أن المؤمنين الذين كانت قلوبهم قبلاً تحجَّرت وجفَّت تفجَّرت فيها ينابيع حياة خلال الصليب لا لترتوي فقط، وإنما لكي تُفيض على الآخرين. في اليوم الأخير العظيم من العيد (يو 7: 37) إذ وقف رئيس الكهنة يسكب ماء أمام الشعب ليعلن عن عمل الله في حياتهم، وقف يسوع ونادى قائلاً: "إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ". 4. حرب مع عماليق: هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها الشعب في حرب علانية مع شعب آخر. قبلاً حين أراد فرعون وجيشه أن يحاربوا الشعب كانت الأوامر الصادرة "قفوا وانظروا خلاص الرب... الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون" (4: 14). أما الآن بعدما تمتع الشعب بعبور البحر الأحمر ونالوا من الله كل شبعهم: المنّ والسلوى والصخرة المتفجرة التزموا أن يحاربوا، لكن ليس بقوتهم البشرية، إنما خلال عمل الله فيهم. وكانت هذه الحرب رمزًا للحرب الروحية بين ملكوت الله وملكوت إبليس حيث تتم الغلبة لأولاد الله خلال الصليب، ففي هذه الحرب نلاحظ الآتي: أ. كنا نتوقع من موسى في أول حرب علانية أن يصرخ راكعًا أو منبطحًا على الأرض... لكننا نراه يبسط يداه على شكل صليب رمزًا لغلبة الصليب. في هذا يقول العلامة ترتليان في إجابته على اليهود: [إني مندهش أنه في الوقت الذي كان فيه يشوع يحارب مع عماليق، كان موسى يصلي جالسًا بيدين منبسطتين. مع أنه كان في ظروف حرجة وكان بالحرى يلزمه أن يُصلي بركب منحنية، ويدين تقرعان على الصدر، ووجه منبطح على الأرض... لكنه كان ضروريًا أن يحمل رمز الصليب حتى يغلب يشوع المعركة بالصليب[244]]. ويقول الأب فيكتوريانوس: [إذ رأى موسى قسوة ذلك الشعب رفع يداه في السبت، رابطًا نفسه رمزيًا بالصليب[245]]. وأيضًا يقول الشهيد كبريانوس: [غلب يشوع عماليق بهذه العلامة التي للصليب خلال موسى[246]]. وفي تعلبيق العلامة أوريجانوس على هذا الحادث يقول: [عندما بسط المسيح يداه على الصليب احتوى العالم كله[247]]. ب. كان موسى على رأس التل يرمز للسيِّد المسيح الذي صلب على جبل الجلجثة، وكان يشوع مع رجال الحرب يجاهدون ضد عماليق رمزًا لجهاد الكنيسة المستمر ضد الخطية. وكأن الكنيسة تشترك مع المسيح في صليبه خلال اتحادها به وجهادها اليومي، لنقول مع الرسول بولس: "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ... قد صلب العالم ليّ وأنا للعالم" (غلا 2: 20، 6: 14). ج. لم يكن حور في عظمة موسى النبي، لكنه ما كان يمكن لموسى أن يبقى رافعًا يديه بدون هرون وحور... بهذا يدرك كل مؤمن موقعه في العمل الإلهي، ولا يستهين أحد بمواهبه مهما ظهرت أنها بلا قيمة. د. رفْع يدي موسى يُشير أيضًا إلى حياة المثابرة حتى النهاية. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [عندما يرفع موسى يديه ينهزم عماليق، وعندما يخفضهما بعد أن يتعب ليعطيهما راحة كان عماليق ينتصر. إذن لنرفع أيدينا نحن أيضًا في قوة صليب المسيح، ولنرفع الصلاة "في كل مكان بلا غضب ولا جدال، أيادي طاهرة" (أف 2: 8)، حتى نستحق معونة الله. هذا ما يحثنا عليه يعقوب الرسول قائلاً: "قاوموا إبليس يهرب منكم" (4: 7)، إذن لنبدأ بملء الإيمان فلا يهرب إبليس بعيدًا عنا فحسب، وإنما ينسحق أيضًا تحت أرجلنا، كما غرق فرعون في البحر وابتلعته أعماق الهاوية[248]]. وفي عظة أخرى يتحدث بأكثر إسهاب عن رفع الأيدي للانتصار على عماليق قائلاً: [رفع الأيدي إنما هو رفع كل الأعمال نحو الله فلا تكون دنيئة ولا أرضية إنما تعمل لمجد الله والسماء. يرفع يداه من يكنز كنزًا في السماء (مت 5: 20-21)، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا، وهناك تكون عيناك ويداك!... يرفع يداه ذاك الذي يقول: "لتكن رفع يديَّ كذبيحة مسائية" (مز 140: 2)، بهذا ينهزم عماليق. لكن الرسول يوصينا أن نرفع "أيادي طاهرة بلا غضب ولا جدال" (1 تي 2: 8)، كما يقول: "قوِّموا الأيادي المسترخية والركب المخلَّعة، وسيروا في الطريق المستقيم". إن حفظ الشعب الناموس (الوصية) يرفع موسى يداه وينهزم العدو، أما إن لم يحفظه فإن عماليق هو الذي ينتصر، فإننا نحارب الرؤساء مع السلاطين مع ولاة هذا العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات (أف 6: 11). إن أردت أن تغلب ارفع يديك، وارفع أعمالك، ولا تمض حياتك على الأرض... ارفع يديك نحو الله واحفظ وصية الرسول "صلوا بلا انقطاع" (1 تي 5: 17)، فيتم المكتوب: "يلحس الجمهور كل ما هو حولنا كما يلحس الثور خضرة الحقل" (عد 22: 4). هذا يعني أن شعب الله (الجمهور) يستخدم لسانه وصوته (يلحس) أكثر من يديه وأسلحته، بانسكاب صلواته نحو الله يهزم عدوه... هذا هو طريق الانتصار على العدو (الخطية) في المعركة[249]]. ه. إذ غلب الشعب عماليق صعد موسى إلى الجبل ليتسلم الشريعة بعد عمل استعدادات ضخمة من جانب الشعب والكهنة، وكأن المؤمن بعد كل نصرة على الخطية - أي عماليق المحارب له - يدعوه الرب للارتفاع على جبل معرفة الله ليتسلم من يديه فهمًا أعمق ومعرفة لأسرار الوصية الإلهية. وكأن معرفتنا لا تقوم على مجرد القراءة والبحث في الكتب والعظات، وإنما بالأكثر على حياة الجهاد ضد الخطية بالصليب. ز. إن كان موسى النبي لم يدخل في الحرب مع عماليق بطريقة مادية ملموسة، لكنه كان خلال تقديس حياته لله وحِمله رمز الصليب، سرّ غلبة الشعب ونصرته. يعلق على هذا القديس أمبروسيوس قائلاً: [حين كان موسى صامتًا كان يصرخ (خر 14: 16)، وكان يحارب وهو مستريح، إذ لم يحارب فقط وإنما غلب أعداءه وهو لم يقترب إليهم. بقدر ما كان مستريحًا وكان الآخرون يحملون يديه كان يعمل أكثر من غيره، لأن يديه المرفوعتين كانتا تغلبان العدو، وبدونه ما كان يقدر الذين كانوا في المعركة أن يغلبوا. هكذا تكلم موسى وهو صامت، وحارب وهو مستريح! هل كانت له أعمال أعظم مما فعله حين كان في الخلوة يتسلم الشريعة في أربعين يومًا على الجبل (خر 24: 17)؟! في هذه الوحدة التقى بذاك الذي ليس ببعيد عنه وكان يتحدث معه![250]]. | |
|