استقبل الأنبا شنودة تشكيل هذه اللجنة بسخرية قائلا للأنبا صموئيل أحد
أعضائها: «إن كرسى مارمرقص ليس دكة حتى يُجلس عليها السادات خمسة من
الرهبان». وتم التلويح للقمص متى بخلافة البابا، ظنا أنه الزعيم المعارض
والمصحح الدينى لعثرات الكنيسة، لكنه رفض وكانت إجابته للسادات: «بأن الشخص
الذى سيتم تنصيبه بطريكا بهذه الطريقة هو شخص محروم من قبل أن يجلس على
الكرسى، وذلك لأسباب تخص القانون الكنسى الذى يحدد أن خلو المنصب مرتبط إما
بالجنون أو الفساد المالى أو الأخلاقى أو الهرطقة».
والأب متى هو من اقترح تشكيل لجنة خماسية لإدارة الكنيسة بدلا من البابا
شنودة، واشترط ألا يكون متى نفسه من بينها. وكان موقف الكنيسة والأقباط من
اللجنة الخماسية منقسما ما بين مؤيد ومعارض ومتهما بالخيانة، وذاعت بيانات
ومنشورات، وفى رد على تلك المواقف نقرأ فى أحد البيانات الصادر عن اللجنة
باسم المجمع المقدس باعتباره السلطة العليا. وهذا البيان يعتبر وثيقة مهمة
تشرح منهج عمل اللجنة الباباوية وموقفها من الصراعات الدائرة بين البابا
والدولة، وموقفها من التقاليد الأرثوذكسية.
التقى أعضاء المجمع المقدس فى دير الأنبا رويس بالقاهرة يوم الثلاثاء، 22
سبتمبر 1981 بعد القرارات الشهيرة التى أعلنها السادات مساء السبت 5 فى
سبتمبر 1981 مؤكدين أن الكنيسة والأقباط جزء من النسيج الوطنى، ومتمسكين
بالوحدة والكفاح ضد أى تدخل خارجى.
ثم حددت اللجنة موقفها الحازم والمؤيد من السلطة والحكم، مستعينة بالتراث
الأرثوذكسى فى دعم هذا الموقف، حيث أوضح البيان أن الكنيسة القبطية بما
لديها من تعاليم إنجيلية مقدسة وقوانين كنسية تلتزم بطاعة السلطات الحاكمة
أيا كانت عملا بوصية الإنجيل المقدس، «لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة».
لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هى مرتبة من الله. حتى إن من
يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله. والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة».
ويؤكد البيان أن هذا واضح فى الأدعية التى ترفعها الكنيسة يوميا فى صلواتها
الطقسية من أجل رئيس البلاد وأولى الأمر فيها ثم استطرد البيان فى ذكر
صلوات الرئيس والجند والمشيرين.
ونوه البيان بأنهم يقدرون الظروف التى أملت على الرئيس اتخاذ ما أعلنه من
قرارات، من عزل البابا وتشكيل لجنة لإدارة الكنيسة، من أجل الوحدة الوطنية
والقضاء على الفتنة الطائفية، ثم حددت اللجنة موقفها الروحى واللاهوتى من
كهنوت البابا شنودة الثالث وأنه لا مساس به، ولا بقوانين الكنيسة. وهى
حوارات دار بشأنها جدل قانونى بين اللجنة والرئيس السادات بالقصر الجمهورى
يوم الثلاثاء 15 سبتمبر 1981 حول سلامة هذا الإجراء. وأكد البيان أنهم
مستمرون فى ذكر اسم قداسة البابا شنودة فى كل صلوات الكنيسة الطقسية.
البيان الصادر باسم المجمع المقدس أو ما بقى منه يؤكد ثقته فى اللجنة
الباباوية المشكلة من أصحاب النيافة: الأنبا مكسيموس، والأنبا غريغوريوس،
والأنبا اثناسيوس، والأنبا صموئيل والأنبا يؤانس، ويفوضونهم بالقيام بما هو
موكول إليهم من شئون الكنيسة.
وبادر بيان المجمع «بتسجيل مشاعر السيد الرئيس (السادات) فى لقائه بالقصر
الجمهورى مع اللجنة الباباوية نحو الكنيسة القبطية واهتمامه بها، لكى تتبوأ
مكانتها وتقوم برسالتها وكذا نحو الأقباط كجزء حى من نسيج المجتمع المصرى
يهم الرئيس. والمجمع من ناحيته يسجل شكره للرئيس على هذه المشاعر الطيبة،
وسيعمل جاهدا على تطوير مناهج التربية الكنسية والأنشطة الدينية، حتى تحقق
رسالتها فى تكوين المواطن الصالح الذى يسهم فى بناء المجتمع.
«وتم توجيه رسالة لأقباط المهجر بضرورة الالتزام بالسلوك المسيحى وإلى
الكهنة والشمامسة الالتزام وتأكيدا على جانب المحبة والإخاء». ويلفتون
أنظارهم وأنهم مسئولون فى ذلك أمام الرئاسات الكنسية.
وأكد البيان أن المجمع المقدس هو وحده صاحب الحق فى التكلم باسم الكنيسة
وتقرير ما هو لخيرها «ونناشد الجميع عدم الإصغاء إلى الشائعات الضارة
المغرضة وتقدير الموقف الدقيق الذى تجتازه مصر وكنيستنا».
ثم شدد البيان على أن المجمع المقدس قرر أن يكون المتحدث الرسمى باسم
الكنيسة هما الأنبا صموئيل والأنبا يؤانس، وعلى جميع رجال الكنيسة والشعب
ألا يخرجوا عن هذا القرار. وأن يتم ترك الكنيسة تعبر بنفسها عن مشاعرها
ومصالحها. ثم صلوا للآباء الأساقفة الذين اضطروا للغياب.
منقول من