تعتبر مشكلة المخدرات من أعقد المشاكل التى تواجه المجتمع فى الوقت الحاضر ولا يكاد يفلت منها أي مجتمع سواء أكان متقدما أو ناميا.وتبدو أهمية هذه المشكلة فى أنها تمس حياة المدمن الشخصية والاجتماعية من جميع جوانبها ، فهى تمس علاقته بنفسه من حيث صورته فى نظر نفسه، ومن حيث تحديد اهتماماته وأهدافه…كما تمس الصلة بينه وبين أفراد عائلته.
وتتمثل أهمية المشكلة بالنسبة للمجتمع فى أنها تحيط به وتمسه فى جميع جوانبه الرئيسية… وأوضح هذه الجوانب هو أمن المجتمع ، حيث أدى انتشار الإدمان إلى زيادة نسبة جرائم العنف فى المجتمع من حيث جرائم السطو المسلح والسرقة والاغتصاب، وغيرها من الجرائم التى تُنشر فى الصحف وتقع تحت تأثير الإدمان .
والجمال نت سوف نناقش أبعاد هذه المشكلة من جوانبها المختلفة من خلال ملف كامل ينشر علي حلقات متتالية بدأ من هذ العدد، أملين أن نقدم الصورة الحقيقية للمشكلة حتى نصل إلى أحسن الطرق لوقف زحف هذا الوباء ، وحتى نحقق لمرضى الإدمان أفضل الفرص للوقاية والعلاج والتأهيل والعودة إلى العمل والإنتاج.
في البداية نود أن نؤكد علي أن الإدمان من الأمور التى ثار حولها كثير من الجدل، ففى عام 1957 فرقت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة بين الإدمان على المخدرات والتعود عليه فعرفت الإدمان على المخدرات بأنه "حالة تسمم دورية أو مزمنة تلحق الضرر بالفرد والمجتمع وتنتج عن تكرار تعاطى عقار طبيعى أو مصنوع " ويتميز الإدمان بما يلى :
1- رغبة ملحقة أو قهرية للاستمرار فى تعاطى العقار والحصول عليه بأى وسيلة .
2- ميل الشخص إلى زيادة الجرعة المتعاطاه باستمرار .
3- اعتماد نفسى وجسمانى بوجه عام على آثار العقار .
4- تأثير ضار بالفرد والمجتمع.
وعرفت التعود على المخدرات بأنها "حالة تنشأ من تكرار تعاطى عقار مخدر" وهذه الحالة تتضمن الخصائص التالية :
1- رغبة غير قهرية فى استمرار تعاطى المخدر من أجل الإحساس بالرحة والانعاش التى يبعثها المخدر .
2- ميل قليل وقد لا يوجد لزيادة الجرعة المتعاطاه من المخدر أو العقار .
3- وجود اعتماد نفسانى إلى حد ما على أثر المخدر ولكن لا وجود للاعتماد الجسمانى وبالتالى لا وجود لأعراض الامتناع عن تعاطيه .
4- إذا امتنع الشخص عن تناول العقار أو المخدر فلا تتعدى الأعراض التى يعانيها الفرد عن أمراض نفسية بسيطة مثل عكننة فى المزاج وصداع بسيط يمكنه التغلب عليها.
أى أن الخلاف بين الإدمان والتعود يكمن فى أن الإدمان يتميز بالاعتماد الجسمى والاعتماد النفسى بينما التعود يتميز بالاعتماد النفسى فقط وأن الإدمان يضر بالمجتمع والفرد بينما التعود لا يضر إلا بالفرد فقط. ومن ثم فإن الإدمان على العقاقير إما أن يكون تعوداً نفسياً أو يكون اعتماداً جسمياً.
الإدمان النفسى
هو الوضع عندما يكون هناك شعور بالرضا ، ودافع نفسى يتطلب الاستعمال المستمر أو الدورى لأحداث السرور أو لتفادى التعب . وهذه الحالة العقلية هى بالتأكيد أقوى العوامل فى مجال الإدمان المزمن على المواد ذات التأثير النفسى وفى بعض العقاقير فإنها قد تكون العامل الوحيد المؤثر.
الإدمان الجسمى
هو حالة تهيؤ ينتج عنها ظهور اضطرابات جسيمة إذا ما حدث انقطاع فى تناول العقار ، وأعراض الانقطاع عن تناول عقار تتكون من مجموعة الأعراض والعلامات النفسية والجسمية الخاصة بكل عقار، وهذه الحالة تزول بإعادة تناول المادة نفسها أو بتناول مادة مشابهة لها من عقار أخر له نفس التأثير، ولا تبدو مظاهر الإدمان الجسمى على العقاقير إذا ما استعملت الكمية المناسبة باستمرار.
وعلى ضوء ما تقدم يمكن تعريف العقاقير المخدرة بأنها مجموعة من العقاقير التى تؤثر على النشاط الذهنى والحالة النفسية لمتعاطيها إما بتنشيط الجهاز العصبى المركزى أو بإبطاء نشاطه أو بتسبيبها للهلوسة أو التخيلات.
* وهذه العقاقير تسبب الإدمان وينجم عن تعاطيها الكثير من مشاكل الصحة العامة والمشاكل الاجتماعية ، ونظراً لأضراها بالفرد والمجتمع فقد قام المشرع بحظرها وحظر الاتصال بها مادياً أو قانونياً إلا فى الأحوال التى حددها القانون وأوضح شروطها.
* وهذا التعريف جامع يندرج تحته جميع المواد المخدرة الخاضعة للرقابة والمدرجة على الجداول الملحقة بالاتفاقية الوحيدة للمخدرات لعام 1961 واتفاقية المواد المؤثرة عقلياً لسنة 1971.
* فالإدمان على المواد المخدرة يعتبر مرحلة لاحقة لمراحل سابقة لها ، أهمها مرحلة تعاطى المؤثرات العقلية (سواء كانت طبيعية أو تخليقية) ويرجع أسباب التعاطى إلى مصاحبة أقران السوء أو الفراغ والإحساس بالضياع أو الوحدة أو أى دواعى اجتماعية أو نفسية أو لأسباب ذاتية أخرى تختلف فى قوتها وضعفها من فرد إلى أخر كما تختلف فى قدرة أو عدم قدرة أى متعاطى على الاستجابة لتلك المؤثرات الخارجية.
وكما هو معلوم أن تعاطى العقاقير والمؤثرات العقلية يؤدى إلى افتقاد الفرد (المتعاطى) وعلى نحو تدريجى ، والقدرة على التركيز الذهنى وفقدان السيطرة على التصرفات كما أنها تساعد المتعاطى على تبديل وعيه بالبيئة بشكل يجعله يرى وكأن مجريات الأمور تسير على نحو آخر وبإيقاع آخر فضلاً عن أن التعاطى وهو جسر العبور إلى الإدمان يؤدى إلى فقدان المتعاطى القدرة على الإحساس التام أو الجزئى بما يدور حوله على النحو السليم سواء أكانت العقاقير المستخدمة تحتوى على مواد منشطة أو منومة أو مسكنة