يُعتبر يوحنا المعمدان مثالاً رائعاً فعالاً لشخص اختبر عملياً وسلك على
مبدأ "التفرغ من الذات".
فعندما وجَه إليه السؤال "ماذا تقول عن نفسك؟"، كان رده القاطع الحاسم، أنه
مجرد "صوت"
(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
.
فهو عرف أن يجلس في المكان الصحيح، إذ اقتنع أنه مجرد "صوت لصارخِ" ولم
يطلب لنفسه "أموراً عظيمة". وهذا هو التفرغ من الذات.
كان شغله الشاغل وهدف عمره أن يعظم شخص المسيح ويعليه. عندما رأى المسيح
ماشياً، امتلأ قلبه بالبهجة والسرور وأجاب اثنين من تلاميذه "هوذا حمل
الله"
(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
. فسمعوه يتكلم بإعجاب تعبدي عن المسيح، فتبعوا المسيح. وعندما تركوه
ليتبعوا المسيح، لا نلاحظ في حديثه أي أسف أو مرارة تنتج عن القلب المتكبر
المسكين. فلا غيرة ولا حسد في القلب المفرغ من الذات. فالشخص الذي تمتع
بالتفرغ من ذاته لا يُجرح ولا يحزن عندما تتحول عنه الأنظار. فكان اقتناعه
العميق أنه لا شيء على الإطلاق، وشخص الرب يسوع في نظره هو كل شيء. فيا
لغبطته!! ويا لروعته!
وأتى إليه ذات مرة تلاميذه قائلين "الذي كان معك في عبر الأردن الذي أنت قد
شهدت له، هو يعمّد والجميع يأتون إليه"
(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
. وهنا كانت كل العوامل والظروف مهيأة لإثارة الحسد والضغينة في القلب
البشرى المسكين. ولكنه أجاب بهذه الروعة "يكرمونني أن ذلك يزيد وأنى أنا
أنقص" "الذي وولي من فوق هو فوق الجميع" (
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]،31).
ويا لها من شهادة نفيسة غالية! شهادة عن كونه لا شيء على الإطلاق،
وشهادة لتقدم المسيح في كل شيء.
آه! ما أحلى التفرغ من الذات، ما أروع فقدان صورة الذات البغيضة من أمام
عيوننا!
يا ليتنا نسعى في هذا الطريق المبارك. ونُظهر عملياً في كل تفاصيل الحياة؛
من تصرفات وأقوال هذه الصفة الجميلة؛ "الاتضاع"، وعندئذ يُسر الرب أن
يستخدمنا ويرتاح في داخل قلوبنا، ويبارك كل الحياة.