لا يستطيع إنسان آمن بالمسيح وعرف الحق الإلهي واستنار بكلمة الله إلا أن
ينظر باحترام وإعجاب وتقدير لهذه القديسة العظيمة المباركة المطوبة ، وإن
حياتها تصلح أن تكون مثالاً يُحتذى ودروساً نتعلّم منها ممن وجدت نعمة فى
عيني الله ، فانعم عليها بأن يولد المسيح المنتظر منها دون كل النساء
اللواتي كن يأملن ، على مر العصور ، أن يكنّ أماً للمسيح ، قالت " فهوذا
منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى لأن القدير صنع بي عظائم وأسمه قدوس " (لوقا
1: 48،49) وإن مما يؤسف له أن سيرتها المشرفة ، كما سطرتها يد الوحي الإلهي
في الكتاب المقدس ، لم تلق بعد الاهتمام الكافي والتحليل الوافي .
وإننا
بحاجة لاستلهام قصة حياتها ومواقفها الشجاعة لنتعلم أكثر عن كيفية
الاقتراب إلى الله والعوامل التي تجعل الله يستخدمنا بقوة أكبر في الحياة
لمجده ،
1. قد آمنت بقدرة الله على صنع المعجزات معها ومع غيرها " لأنه
ليس شئ غير ممكن لدى الله " ( لوقا 1 : 37 ) الأيمان والتصديق بامور غير
طبيعية وفوق مستوى العقل البشري, وان الله قادر من العدم ان يخلق الأشياء.
اي ان الله قادر ان يجعل امرأة تحبل دون مشيئة جسد. كما قال بولس في رومية
4: 17 عن ابراهيم الذي اقام الله منه نسل وهو عجوز.
2. قد تواضعت وأطاعت
الله طاعة عمياء فقبلت أن تحبل بقوة الروح القدس ، ورضيت بإراة الله التي
وثقت أنها إرادة صالحة لحياتها ، لقد كانت مستعدة أن تحتمل تغييرات الناس
واتهاماتهم من أجل المسيح ، كان ممكن أن تفقد خطيبها يوسف واحترام الناس ،
لكنها حملت صليبها " فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ، ليكن لي كقولك " (
لوقا 1 : 38 ) ومن الواضح من قولها واعترافها " أنا أمة الرب " أن تعامل
الله معها لم يزدها إلا تواضعاً ،فقد عرفت مركزها في المسيح تواضعت فرفع
الله من قدرها ، كما تحمست فبشرت نسيبهتها أليصابات بمراحم الله وبركاته
عليها ومعاملاته معها ( وكم نحتاج إلى شئ من حماسها هذه الأيام )
3. لم
تركز على ذاتها ولم تغتر بنفسها وإنما زادتها نعمة الله عليها تعظيماً
للرب نفسه " فقالت مريم تعظم نفسي الرب " ( لوقا 1 : 46 ) ، (لم تقول انا
في عز شبابي وبعدني صغيرة وبدي اشوف حياتي ولاحقه على الهم) هذا هو قصد
الله من وراء إنعامه عليها ، لقد وجدت فرحتها في الرب وليس في العالم ، لأن
الرب وحده يستحق أن نوجه عواطفنا إليه ونكرس له حياتنا، لأنه مصدر خلاصنا ،
" وتبتهج روحي بالله مخلصي " ( لوقا 1 : 47 ) ليت البشر يعترفون بحاجتهم
للخلاص كما فعلت القديسة المباركة ، وليتهم يقبلون هذا الخلاص من الله
المخلص الوحيد ، إننا لا نملك إلا أن نطوبها أي نهنئها على ما فعله الله
لها " فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى ، لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه
قدوس " ( لوقا 1 :48،49 )
4. كانت أماً مثالية تتولى بعناية فائقة كل
أمور أبنها بنفسها على الرغم من التعب الرحلة والألم ومشاق السفر " فولدت
إبنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود " ( لوقا 2 : 7 ) كما كرست إبنها لله
" ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه
للرب ، كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوساً للرب ،
ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام " ( لوقا 2
: 22-24
5. لقد كانت مطيعة لوصايا الله بكل تدقيق ، وليت الأمهات
يتعلمن منها ، لقد كانت لديها حساسية عالية للروح القدس ، وتميزت بفهم واضح
لطرق الله ومعاملاته مع البشر ( لوقا 1 : 46-55 ) وكانت مهمته بصورة خاصة
في حفظ كل كلام يقوله الوحي الإلهي عن يسوع المسيح لتزداد فهماً له " وأما
مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها " ( لوقا 2 : 19 ) ،
6.
كانت سريعة في فهم الدروس الروحية التي يعلمها لها إبنها وإلهها ومخلصها ،
فعندما أوحت إليه بطريقة غير مباشرة بضرورة أن يدبر خمراً لتسديد حاجة
المدعوين إلى بيت العرس في قانا الجليل ، أجابهـا بحـزم ومحبـة وإحـترام "
مالي ولك يـا إمـرأة لم تــأت ساعتي بعـــد " ( يوحنا 2 :4) لقد فهمت أن
الله يرفض تدخل البشر في أعماله الإلهية فقد يعرف البشر الحاجة ، ولكنه هو
وحده يعرف كيفية تسديدها والتوقيت المناسب لتحركه ، لهذا سارعت إلى القول
للخدام " مهما قال لكم فافعلوه " ( يوحنا 2 : 5) لقد تمثلت عظمة مريم في كل
المواقف أنها تشير إلى الله وضرورة تمجيده وطاعته ،
7. كانت إمرأة
مواظبة على الصلاة مع غيرها من جماعة المؤمنين " هؤلاء كلهم كانوا يواظبون
بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته " (
أعمال 1 :14 ) هذه هي صورة مريم المشرقة كما نقلها إلينا بكل أمانة تلاميذ
المسيح ورسله الأوائل المؤتمنون على رسالة الإنجيل ، ولا يمكننا إلا أن
ننظر إليها كما ينظر إليها الله ، وكما رسمها الكتاب المقدس دون زيادة أو
نقصان ، لئلا نكون ملومين في عدم إحترامها أو مغالين في تقديرها