تاريخ البطاركة في الكنيسة القبطية
33- البابا ثاؤذوسيوس الأول
( 536 - 567 م)
المدينة الأصلية له : الأسكندرية
الاسم قبل البطريركية : هاودوسيوس
تاريخ التقدمة : 15 أمشير 252 للشهداء - 10 نوفمبر 536 للميلاد
تاريخ النياحة : 28 بؤونه 283 للشهداء - 22 يونيو 567 للميلاد
مدة الإقامة على الكرسي : 31 سنة و4 أشهر و15 يوما
مدة خلو الكرسي : شهرا واحدا و3 أيام
محل إقامة البطريرك : المرقسية ثم المنفي
محل الدفن : المرقسية بالإسكندرية
الملوك المعاصرون : جيستنيانوس الأول - جيستنيوس الثاني
+ بعد نياحة البابا تيموثاوس، اجتمع الأساقفة والشعب الأرثوذكسى ورسموا هذا الأب بطريركاً، وكان عالماً حافظاً لكتب الكنيسة.
+ وبعد أيام من رسامته أثار عليه الشيطان قوماً أشراراً وأخذوا فاكيوس رئيس شمامسة كنيسة الإسكندرية ورسموه بطريركاً بمعاونة يوليانوس (الذي كان قد حرمه البابا تيموثاوس لموافقته لمجمع خلقدونية) وقاموا بنفي البابا ثاؤذوسيوس.
+ وصل الخبر إلى الملك يوستينيانوس والملكة المحبة لله ثاؤذورا، فأرسلت تسأل عن صحة رسامة البابا ثاؤذوسيوس، حتى إذا كانت طبق القانون يتسلم كرسيه... فعقدوا مجمعاً وأقروا صحة رسامة البابا ثاؤذوسيوس وقام فاكيوس بالاعتراف بخطئه... غير أنه لما كان الملك موافقاً على معتقد مجمع خلقيدونية فأنه أرسل إلى نائبه في الإسكندرية يقول له: " إذا اتفق معنا البطريرك ثيودوسيوس في الإيمان فتضاف مع البطريركية الولاية على الإسكندرية وإذا لم يوافق يخرج من المدينة "... ولما سمع البابا خرج من المدينة ومضى إلى الصعيد وأقام هناك يثبت المؤمنين.
+ ثم استدعاه الملك إلى القسطنطينية ليستميله إلى المعتقد الخلقدونى ولكنه لم يفلح، فعاد ونفي البابا في الصعيد.
+ أقام في المنفي ثمان وعشرين سنة في صعيد مصر. وأربع سنين في مدينة الإسكندرية وأمضى في البطريركية واحد وثلاثين سنة وأربعة أشهر وخمسة عشر يوماً ثم تنيَّح بسلام.
وتعيد الكنيسة بتذكار نياحته في الثامن والعشربن من شهر بؤونه.
صلاته تكون معنا آمين.
السيرة كما ذكرت في كتاب السنكسار
نياحة البابا ثاؤذورس "33 " (28 بؤونة)
في مثل هذا اليوم من سنة 283 ش (22 يونيو سنة 567 م ) تنيَّح القديس ثاؤدسيوس البطريرك الثالث والثلاثين من باباوات الكرازة المرقسية. وذلك أنه بعد نياحة تيموثاوس أجتمع الأساقفة والشعب الأرثوذكسي ورسموا هذا الأب بطريركا وكان عالما حافظا لكتب الكنيسة وبعد أيام أثار عليه عدو الخير قوما أشرارا من أهل المدينة وأخذوا فاكيوس رئيس شمامسة كنيسة الإسكندرية ورسموه بطريركا بمعاونة يوليانوس. الذي كان البابا تيموثاوس قد حرمه لموافقته لمجمع خلقيدونية.ولما رسم فاكيوس نفوا البابا ثاؤدسيوس إلى جرسيمانوس وكان القديس ساويرس الأنطاكي يقيم في سخا من بلاد مصر وكان يعزيه ويصبره ذاكرا له ماخري للرسل وليوحنا ذهبي الفم. وبعد ستة أشهر من نفيه ذهب إلى مليج وأقام بها سنتين وبعد ذلك تقدم أهل الإسكندرية إلى الوالي وطلبوا منه أن يأمر بإعادة راعيهم الشرعي وطرد فاكيوس الدخيل ووصل الخبر إلى الملك يوستينيانوس والملكة المحبة للإله ثاؤذورا. فأرسلت تسأل عن صحة رسامة البابا ثاؤدسيوس حتى إذا كانت طبق القانون يتسلم كرسيه فعقدوا مجمعا من الشعب ومائة وعشرين كاهنا وأجمعوا علي أن ثاؤدسيوس رسم باتفاق الأساقفة والشعب وفقا للقانون. وكان فاكيوس حاضرا في المجمع فوقف معترفا بأنه هو المعتدي وطلب مسامحته علي أن يبقي رئيس شمامسة كما كان قبلا وأرسلوا للملكة بذلك غير أنه لما كان الملك موافقا علي معتقد غير الصحيح فكتب إلى نائبه في الإسكندرية يقول: " إذا اتفق معنا البطريرك ثاؤدسيوس في الإيمان فتضاف إليه مع البطريركية الولاية علي الإسكندرية وإذ لم يوافق يخرج من المدينة " فلما سمع البطريرك هذا القول قال: " هكذا الشيطان قال للسيد المسيح بعد ما أراه جميع مماليك العالم ومجدها أعطيك هذه جميعها أن خررت وسجدت لي " (مت 4: 8 و9) ثم خرج من المدينة ومضي إلى الصعيد وأقام هناك يثبت ثم استدعاه الملك إلى القسطنطينية فذهب إليها مع بعض الكهنة العلماء فتلقاه الملك بإكرام عظيم وأجلسه في مكان ممتاز واخذ بتملقه ويخاطبه بلطف لكي يوافق علي معتقد مجمع خلقيدونية وإذ لم يوافقه نفاه إلى صعيد مصر وأقام عوضا عنه شخصا يسمي بولس فلما وصل هذا إلى الإسكندرية لم يقبله أهلها ولبث سنة لم يتقرب إليه إلا نفر قليل. ولما وصل هذا الآمر إلى الملك آمر بإغلاق الكنائس حتى يخضعوا للبطريرك الذي عينه الملك فبني المؤمنون كنيسة علي اسم القديس مرقس خارج المدينة وأخري علي اسم القديسين قزمان ودميان وكانوا يتقربون فيهما ويعمدون أولادهم.
ولما سمع الملك بذلك عاد فأمر بفتح الكنائس فلما سمع البابا ثاؤدسيوس بهذا الآمر خشي أن يكون الملك قد قصد بذلك أن يستميلهم فكتب لهم رسالة يثبتهم علي الإيمان المستقيم ويحذرهم من خداع ذلك المخالف . وأقام في المنفي ثمان وعشرين سنة في صعيد مصر وأربع سنين في مدينة الإسكندرية وأمضي في البطريركية واحدا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وخمسة عشر يوما وقد وضع هذا البابا ميامر وتعاليم كثيرة صلاته تكون معنا. آمين
معلومات إضافية
جاء رسل الملك إلى الإسكندرية وحال وصولهم اخبرهم الوالي وكل من نال رشوة من قيانوس أن رسامة قيانوس حق، وانه هو الأولى في الرسامة. غير أن قولهم لم يثبت إذا اجتمع نحو مائه وعشرين رجلا من الكهنة ومقدمى المدينة وكتبوا تقرير يعترفون فيه بقانونية بطريركية ثيؤدوسيوس في أبيب سنة 260 ش وسنة 536 م في عهد يوستنيانوس قيصر الأول.
وأجمعت كلمة الكل على صحتها وأنه تقدمت رسامتة قيانوس بشهرين، وبينما هم يبحثون حضر قيانوس بنفسه أمام تلك الهيئة واعترف بالحقيقية طلبا الصفح عن تعديه، ووضع توقيعه مع المعترفين وصرَّح للأنة خادم مطيع للبابا ثيؤدوسيوس وانه يرتضى بان يكون أرش ذياكون كما كان.
ففرح الجميع بذلك ممجدين الله، وزاد سرورهم برجوع بطريركهم المغبوط إليهم بسلام. وبعد ذلك شعر القيصر بالخطر على أفكاره الخلقيدونية وقال في نفسه: هوذا أنا سلمت كرسي الإسكندرية لثيؤدوسيوس، ولكنى لا اضمن مساعدته لى على تعميم عقيدتى.
ولو أضيفت إلى كرسيه جميع ولايات أفريقية، وفي الحال أملى علية الشيطان كتابا لوالى الإسكندرية وقسيسيها وللبابا ثيؤذوسيوس ليجتذبه إلى اعتقاد مجمع خلقيدونية، وطومس لاون ويساعده على نشره. ووعده مكافأة على ذلك أن يمنحة كرسي البطريركية والولاية في مصر، ويكون جميع أساقفة أفريقية تحت طاعته.
ثم هدده بأنه إذا لم يطع ولم يرضى فليخرج من البيعة ليمضى إلى حيث يشاء. فلما قرأ البابا المجاهد البطريرك ثيؤدوسيوس كتاب القيصر هتف أمام رسل الملك والوالى والجمع المحتشد قائلا: أن إبليس اخذ السيد المخلص وأصعدة على الجبل العالى وأراه جميع ممالك العالم ومجدها، وقال له: هذا أعطيك إذا أن سجدت لى. هكذا انتم أتيتم تعدونى بان أصير غريبا عن السيد المسيح الملك الحقيقى حُبا في مجد الدنيا الباطل، ثم رفع يديه أمام الجميع، ثم قال للوالى ولجميع الجيش الخاص بالقيصر "ليس لمولاكم سلطان إلا على جسدى الفانى، ولكن نفسى في يد مخلصي. والآن هوذا البيعة وكل ما فيها أمامكم ومهما أمرتم فافعلوه. أما أنا فتابع لإيمان الذين تقدمونى أثناسيوس وكيرلس وديسقوروس وغيرهم، الذين صرت أنا نائباً لهم بغير استحقاق". ثم قام وخرج قائلاً: "مَنْ يحب الله فليتبعنى". فخرج وراءه الأرثوذكسيين ولم يشأ الوالى أن يقبض عليه، بل تركه يذهب إلى حيث يشاء كأمر القيصر. فخرج من المدينة وقوة السيد المسيح ترشده، بل أن للوالى نفسه اهتم بأمره واعد له كل ما يحتاج إليه، وحمله في مركب إلى صعيد مصر، حيث أقام أربع سنين يُعَلِّم الشعب والكهنة والرهبان في الديارات ويثبتهم على الأمانة الأرثوذكسية، ويصبرهم على احتمال الاضطهاد حتى الموت.
أما رسل القيصر فرجعوا إليه واعلموه بالخبر فاندهش هو وجميع رجال بلاطه من ثبات ثيؤدوسيوس على أمانته ورفضه كل تلك الهبات. وأقام القيصر رجلا يدعى بولس النيسى عوضا عنه، وكان هذا الرجل أجنبيا عن مصر من شباودب في طرسوس، وبدون أن يعلم المصريون عن أصله شيئاً، رسمه القيصر في القسطنطينية، فصار هذا الرسم قاعدة البطاركة الملكيين أن يرسموا بالقسطنطينية ويسيروا للإسكندرية. وقد تم هذا كله سنه 541 م. وجاء بولس إلى الإسكندرية تحرسه قوة عسكرية هائلة، ولكن المصريون لم يقبلوه ولم يحبوا وجوده بطريركا عليهم. وكانوا يلقبونه يهوذا الثانى. ولم يكونوا يعرفون لهم بطريركا أخر سوى ثيؤدوسيوس المنفي الذي كانوا يطيعونه ويخضعون لأوامره التي كان يرسلها إليهم.
وأستمر بولس سنة على هذا المنوال حتى اضطر أخيراً أن يخبر القيصر بأن المصرين يهربون منه كما يهبر الحمل من الذنب. فرد عليه القيصر بكتاب يأمره فيه أن يغلق أبواب البيعة التي بمدينة الإسكندرية، ويختم عليها حراسا حتى لا يدخلها أحد مطلقا.
قنع بولس من الرئاسة بوضع يده على الكنيسة الكبرى المسماة بالكنيسة القيصرية، ثم استحواذ بمساعدة الجيش على عدة كنائس مهمة غيرها. أما المسيحيون فلما سمعا بأمر قفل الكنائس، حزنوا حزناً مفرطاً ومكثوا سنه كاملة بدون أن يصلوا في الكنيسة! ولم يكن يعزيهم سوى كتب بطريركهم المنفي التي كانت تَرِد إليهم بين آن وآخر. ولما زاد قلقهم اجتمعوا وتشاوروا على بناء بيعة، فتم لهم ذلك وبنوها بقوة السيد المسيح غربى الإسكندرية، ثم بنوا كنيسة أخرى غربى الأعمدة على اسمى قزمان ودميان. وبنوا كنائس أخرى سموا إحداها الكنيسة الملائكية كما في الكنيسة القيصرية، فلما علم بذلك القيصر فتح جميع الكنائس وجعلها تحت سلطان الخلقيدونين. فلما علم البابا ثيؤدوسيوس ناح وبكى وطلب الرب من اجل ثبات أمانة شعبة. وكان يصلى ويقول: يا ربى يسوع المسيح أنت اشتريت هذا بدمك الشريف، وأنت الملهم بهم فلا تتخلَّ عنهم، بل لترعهم عنايتك.
ولم يكن بولس البطريرك الدخيل مبغوضا من المصرين، فقط بل من بعض الرومانيين أيضا بالنسبة لدناءة أعماله. ولما رأى قوة القوم تحت يده فشرع في أن ينتقم من الجميع. فنقل ايلياس قائد جنود الوجه القبلى إلى مكان أخر حتى يضعف من قوة الأقباط في الصعيد، فشعر بيؤس أحد شمامسة الكنيسة الإسكندرية بالأمر، فأرسل كتابا لايلياس يخبره به، فوقع الكتاب في يد أحد اتباع بولس فجاءه به. ولذلك أمر بولس بالقبض على الشماس المسكين متهماً إياه بإهمال مصلحة الكنيسة، وتبذير إيرادها. وسلمه إلى عهدة درون وإلى مصر، فأستمر يعذبه إلى أن اسلم روحه، فرفع أقرباء الشماس بيؤس دعواهم إلى القيصر، فإمر بعزل درون الوالى، وعين بدله ليهريوس الذي أمر بالتحقيق في قضية بيؤس. فأسفر التحقيق عن إدانة بولس ودرون الوالى فحكم بالإعدام على درون، وبالنفي لبولس. وحكم عليه بالعزل والحِرمان من بطريركيتى إنطاكية وأورشليم.
وعين القيصر عوضه رجلا يدعى زيلوس، ولم يكن لهذا البطريرك أى اعتبار وعاملة الأقباط بنفس معاملة بولس غير معترفين بأحد رئسا عليهم سوى ثيؤدوسيوس. وحيث أن يوستينوس قيصر توفي وملك عوضه يوستنيانوس، وكان أشر كرها للأرثوذكسيين غير أنه في مبدأه نهج منهجا يختلف عن خطة سلفة، واظهر ليناً نحوهم، وأمر باستحضار ثيؤدوسيوس من منفاه، وترك له نوع من الحرية. وإذ خاف لئلا يؤول ذلك إلى تعميم للأرثوذكسية تظاهر، بأنه يريد عقد مجمع القسطنطينية ينهى فيه القضايا، ووعد البابا بان لا يلحقه أذى، وأوصى حامل الرسالة أن ينطلق به حتى تقدمه إلى العاصمة.
فعزم البطريرك على مقابلة القيصر وستعان بقوة السيد المسيح، ولما دخل إلى القيصر وامرأته وعاينوا سكينته وتواضعه وفضله، استقبلوه حسنا. ثم كلمة بكل رقة ليستميله إلى جانب مجمع خلقيدونية ولكنه لم يفلح في تغيير عقيدته. ولما تقابل معه البطريرك الثالث دفعه واخذ بعده بالكرامة أن هو أطاع رأيه، فقال له "لا حياة ولا موت ولا غلاء ولا سيف يصد قلبى عن أمانة آبائى" فغضب عليه الملك وألقاه في السجن بالقسطنطينية مرة، وبعد ذلك نفاه. واستمر في المنفي حتى أدركته المنية، فرقد في الرب بعد أن قضى مدة أثنين وثلاثين سنة بطريركا، صرف منها 28 سنة أماكن النفي ووضع من المقالات والتعليم في مدة بطريركيتة الشىء الكثير.
وانتقل بسلام إلى السيد المسيح الذي كان يحبه في اليوم الثامن والعشرين من شهر بؤونه سنة 283 ش و568 م.[/color][/i][[/i]/b][/b]